تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤١٢
خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون، والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين) * () * (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب) * لما ذكر تعالى قبح أفعالهم واستعصائهم. أخبر تعالى أنه حكيم عليهم بالذال والصغار إلى يوم القيامة (تأذن) أعلم من الأذان، وهو الإعلام. قاله الحسن وابن قتيبة واختاره الزجاج أبو علي، وقال عطاء: (تأذن) حتم، وقال قطرب: ' وعد '، وقال أبو عبيدة: أخبر وهو راجع لمعنى أعلم '. وقال مجاهد: ' أمر وعنه قال: وفيل: ' أقسم وروي عن الزجاج، قال الزمخشري: ' تأذن عزم ربك وهو تفعل من الإيذان وهو الإعلام، لأن العازم على الأمر يحدث به نفسه ويؤذنها بفعله، وأجرى مجرى فعل القسم ك (علم) الله، وشهد الله، ولذلك أجيب بما يجاب به المقسم، وهو قوله (ليبعثن) والمعنى: إذ ختم ربك وكتب على نفسه '. وقال ابن عطية: بنية (تأذن) هي التي تقتضي التكسب من أذن. أي: علم ومكن، فإذا كان مسندا إلى غير الله لحقه معنى التكسب الذي يلحق المحدثين، وإلى الله كان بمعنى علم صفة لا مكتسبة بل قائمة بالذات. فالمعنى: وإذا علم الله ليبعثن. ويقتضي قوة الكلام أن ذلك العلم منه مقترن بإنفاذ وإمضاء كما تقول في أمر قد عزمت عليه غاية العزم. ' علم الله لأبعثن كذا ' نحا إليه أبو علي الفارسي، وقال الطبري وغيره ' (تأذن) معناه ' أعلم ' وهو قلق من جهة التصريف، إذ نسبة (تأذن) إلى الفاعل غير نسبة ' أعلم ' وبين ذلك فرق في التعدي وغيره '. انتهى. وفيه بعض اختصار،
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»