تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٢
أبي علي الفارسي وابن جني وقد صنف أبو الحجاج يوسف بن معزوز كتابا في الرد على الزمخشري في كتاب المفصل والتنبيه على أغلاطه التي خالف فيها إمام الصناعة أبا بشر عمرو بن عثمان سيبويه رحم الله جميعهم.
* (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ءايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) * قال الأخفش الطوفان جمع طوفانة عند البصريين وهو عند الكوفيين مصدر كالرجحان، وحكى أبو زيد في مصدر طاف طوفا وطوافا ولم يحك طوفانا وعلى تقدير كونه مصدرا فلا يراد به هنا المصدر، قال ابن عباس هو الماء المغرق، وقال قتادة والضحاك وابن جبير وأبو مالك ومقاتل هو المطر أرسل عليهم دائما الليل والنهار ثمانية أيام واختاره الفراء وابن قتيبة، وقيل ذلك مع ظلمة شديدة لا يرون شمسا ولا قمرا ولا يقدر أحد أن يخرج من داره. وقيل أمطروا حتى كادوا يهلكون وبيوت القبط وبني إسرائيل مشتبكة فامتلأت بيوت القبط ماء حتى قاموا فيه إلى تراقيهم فمن جلس غرق ولم يدخل بيوت بني إسرائيل قطرة وفاض الماء على وجه أرضهم وركد فمنعهم من الحرث والبناء والتصرف ودام عليهم سبعة أيام، وقيل طم فيض النيل عليهم حتى ملأ الأرض سهلا وجبلا. وقال ابن عطية: هو عام في كل شيء يطوف إلا أن استعمال العرب له أكثر في الماء والمطر الشديد. ومنه قول الشاعر:
* غير الجدة من عرفانه * خرق الريح وطوفان المطر * * ومد طوفان مبيد مددا * شهرا شآبيب وشهرا بردا * وقال مجاهد وعطاء ووهب وابن كثير هو هنا الموت الجارف وروته عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم) ولو صح وجب المصير إليه ونقل عن مجاهد ووهب أنه الطاعون بلغة اليمن، وقال أبو قلابة هو الجدري وهو أول عذاب وقع فيهم فبقي في الأرض. وقيل هو عذاب نزل من السماء فطاف بهم، وروي عن ابن عباس أنه معمى عنى به شيء أطافه الله بهم فقالوا لموسى ادع لنا ربك يكشف عنا ونحن نؤمن بك فدعا فرفع عنهم فما آمنوا فنبت لهم في تلك السنة من الكلأ والزرع ما لم يعهد مثله فأقاموا شهربا فبعث الله تعالى عليهم الجراد فأكلت عامة زرعهم وثمارهم ثم أكلت كل شيء حتى الأبواب وسقوف البيوت والثياب ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منها شيء ففزعوا إلى موسى ووعدوه التوبة فكشف عنهم سبعة أيام وخرج موسى عليه السلام إلى الفضاء فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجع الجراد إلى النواحي التي جئن منها وقالوا ما نحن بتاركي ديننا فأقاموا شهرا وسلط عليهم القمل، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطاء: هو الدبا وهو صغار الجراد قبل أن
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»