وقيل: أضلهم. وقال الشاعر:
* وأركستني عن طريق الهدى * وصيرتني مثلا للعدا * وقيل: نكسه. قاله الزجاج قال:
* ركسوا في فتنة مظلمة * كسواد الليل يتلوها فتن * الدية: ما غرم في القتل من المال، وكان لها في الجاهلية أحكام ومقادير، ولها في الشرع أحكام ومقادير، سيأتي ذكر شيء منها. وأصلها: مصدر أطلق على المال المذكور، وتقول: منه ودي، يدي، وديا ودية. كما تقول: وشى يشي، وشيا وشية، ومثاله من صحيح اللام: زنة وعدة.
التعمد والعمد: القصد إلى الشيء * (الله لا إلاه إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه) * قال مقاتل: نزلت فيمن شك في البعث، فاقسم الله ليبعثه. ومناسبتها لما قبلها ظاهرة وهي: أنه تعالى لما ذكر أن الله كان على كل شيء حسيبا، تلاه بالاعلام بوحدانية الله تعالى والحشر والبعث من القبور للحساب. ويحتمل أن يكون لا إله إلا هو خبر عن الله، ويحتمل أن يكون جملة اعتراض، والخبر الجملة المقسم عليها، وحذف هنا القسم للعلم به. وإلى إما على بابها ومعناها: من الغاية، ويكون الجمع في القبور، أو يضمن معنى: ليجمعنكم معنى: ليحشرنكم، فيعدى بإلى. قيل: أو تكون إلى بمعنى في، كما أولوه في قول النابغة:
* فلا تتركني بالوعيد كأنني * إلى الناس مطلى به القار أجرب * أي: في الناس. وقيل: إلى بمعنى مع. والقيامة والقيام بمعنى واحد، كالطلابة والطلاب. قيل: ودخلت الهاء للمبالغة لشدة ما يقع فيه من الهول، وسمي بذلك إما لقيامهم من القبور، أو لقيامهم للحساب. قال تعالى: * (يوم يقوم الناس لرب العالمين) * ولما كان الحشر جائزا بالعقل، واجبا بالسمع، أكده بالقسم قبله وبالجملة بعده من قوله: لا ريب فيه. واحتمل الضمير في فيه أن يعود إلى اليوم، وهو الظاهر. وأن يعود على المصدر المفهوم من قوله تعالى: ليجمعنكم. وتقدم تفسير لا ريب فيه في أول البقرة.
* (ومن أصدق من الله حديثا) *. هذا استفهام معناه النفي، التقدير: لا أحد أصدق من الله حديثا. وفسر الحديث بالخبر أو بالوعد قولان، والأظهر هنا الخبر. قال ابن عطية: وذلك أن دخول الكذب في حديث البشر إنما علته الخوف أو الرجاء أو سوء السجية، وهذه منفية في حق الله تعالى، والصدق في حقيقته أن يكون ما يجري على لسان المخبر موافقا لما في قلبه، والأمر المخير عنه في وجوده انتهى. وقال الماتريدي: أي إنكم تقبلون حديث بعضكم من بعض مع احتمال صدقه وكذبه، فإن تقبلوا حديث من يستحيل عليه الكذب في كل ما أخبركم به من طريق الأولى. وطول الزمخشري هنا إشعارا بمذهبه فقال: لا يجوز عليه الكذب، وذلك أن الكذب مستقبل بصارف عن الإقدام عليه وهو قبحه الذي هو كونه كذبا وإخبارا عن الشيء بخلاف ما هو عليه، فمن كذب لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يكذب، ليجر منفعة، أو يدفع مضرة، أو هو غني عنه، إلا أنه يجهل غناه، أو هو جاهل بقبحه، أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في أخباره، ولا يبالي بأنهما نطق، وربما كان الكذب أحلى على حنكه من الصدق. وعن بعض السفهاء: أنه عوتب على الكذب فقال: لو غرغرت لهراتك به، ما فارقته. وقيل لكذاب: هل صدقت قط؟ فقال: لولا أني صادق في قولي لا، لقلتها. فكان الحكيم الغني الذي لا تجوز عليه الحاجات، العالم بكل معلوم، منزها عنه كما هو منزه عن سائر القبائح انتهى. وكلامه تكثير لا يليق بكتابه، فإنه مختصر في التفسير.