القرآن، وما من قوله: فما استمتعتم به منهن، مبتدأ. ويجوز أن تكون شرطية، والخبر الفعل الذي يليها، والجواب: فآتوهن، ولا بد إذ ذاك من راجع يعود على اسم الشرط. فإن كانت ما واقعة على الاستمتاع فالراجع محذوف تقديره: فأتوهن أجورهن من أجله أي: من أجل ما استمتعتم به. وإن كانت ما واقعة على النوع المستمتع به من الأزواج، فالراجع هو المفعول بآتوهن وهو الضمير، ويكون أعاد أولا في به على لفظ ما، وأعاد على المعنى في: فآتوهن، ومن في: منهن على هذا يحتمل أن يكون تبعيضا. وقيل: يحتمل أن يكون للبيان. ويجوز أن تكون ما موصولة، وخبرها إذ ذاك هو: فآتوهن، والعائد الضمير المنصب في: فآتوهن إن كانت واقعة على النساء، أو محذوف إن كانت واقعة على الاستمتاع على ما بين قبل.
والأجور: هي المهور. وهذا نص على أن المهر يسمى أجرا، إذ هو مقابل لما يستمتع به. وقد اختلف في المعقود عليه بالنكاح ما هو؟ أهو بدن المرأة، أو منفعة العضو، أو الكل؟ وقال القرطبي: الظاهر المجموع، فإن العقد يقتضي كل هذا. وإن كان الاستمتاع هنا المتعة، فالأجر هنا لا يراد به المهر بل العوض كقوله: * (ليجزيك أجر ما سقيت لنا) * وقوله: * (لو شئت * لاتخذت عليه أجرا) * وظاهر الآية: أنه يجب المسمى في النكاح الفاسد لصدق قوله: فما استمتعتم به منهن عليه جمهور العلماء، على أنه لا يجب فيه إلا مهر المثل، ولا يجب المسمى. والحجة لهم: * (أيما * امرأت * الفضل العظيم * ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) * وانتصب فريضة على الحال من أجورهن، أو مصدر على غير الصدر. أي: فآتوهن أجورهن إيتاء، لأن الإيتاء مفروض. أو مصدر مؤكد أي: فرض ذلك فريضة.
* (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * لما أمروا بإيتاء أجور النساء المستمتع بهن، كان ذلك يقتضي الوجوب، فأخبره تعالى أنه لا حرج ولا إثم في نقص ما تراضوا عليه، أو رده، أو تأخره. أعني: الرجال والنساء من بعد الفريضة. فلها إن ترده عليه، وإن تنقص، وإن تؤخر، هذا ما يدل عليه سياق الكلام. وهو نظير * (فإن طبن لكم عن شىء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) * وإلى هذا ذهب الحسن وابن زيد. وقال السدي: هو في المتعة. والمعنى: فيما تراضيتم به من