تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٧
وأما وزنها فذهب الخليل، وسيبويه، وسائر البصريين إلى أن وزنها: فوعلة، والتاء بدل من الواو، كما أبدلت في: تولج، فالأصل فيها ووزنه: وولج، لأنهما من ورى، ومن ولج. فهي: كحوقلة، وذهب الفراء إلى أن وزنها: تفعلة، كتوصية. ثم أبدلت كسرة العين فتحة والياء ألفا. كما قالوا في: ناصية، وجارية: ناصاه وجاراه.
وقال الزجاج: كأنه يجيز في توصية توصاه، وهذا غير مسموع وذهب بعض الكوفيين إلى أن وزنها: تفعلة، بفتح العين من: وريت بك زنادي، وتجوز إمالة التوراة.
وقد قرىء بذلك على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الإنجيل: اسم عبراني أيضا، وينبغي أن لا يدخله اشتقاق، وأنه لا يوزن، وقد قالوا: وزنه فعيل. كإجفيل، وهو مشتق من النجل، وهو الماء الذي ينز من الأرض. قال الخليل: استنجلت الأرض نجالا، وبها نجال، إذا خرج منها الماء. والنجل أيضا: الولد والنسل، قاله الخليل، وغيره. ونجله أبوه أي: ولده. وحكى أبو القاسم الزجاجي في نوادره: أن الولد يقال له: نجل، وأن اللفظة من الأضداد، والنجل أيضا: الرمي بالشيء.
وقال الزجاج: الإنجيل مأخوذ من النجل، وهو الأصل، فهذا ينحو إلى ما حكاه الزجاجي.
قال أبو الفتح: فهو من نجل إذا ظهر والده، أو من ظهور الماء من الأرض، فهو مستخرج إما من اللوح المحفوظ، وإما من التوراة. وقيل: هو مشتق من التناجل، وهو التنازع، سمي بذلك لتنازع الناس فيه.
وقال الزمخشري: التوراة والإنجيل اسمان أعجميان، وتكلف أشتقاقهما من الوري والنجل، ووزنهما متفعلة وإفعيل: إنما يصحح بعد كونهما عربيين. إنتهى. وكلامه صحيح، إلا أن في كلامه إستدراكا في قوله: متفعلة، ولم يذكر مذهب البصريين في أن وزنها: فوعلة، ولم ينبه في: تفعلة، على أنها مكسورة العين، أو مفتوحتها.
وقيل: هو مشتق من نجل العين، كأنه وسع فيه ما ضيق في التوراة.
الانتقام: افتعال من النقمة، وهو السطوة والأنتصار. وقيل: هي المعاقبة على الذنب مبالغة في ذلك، ويقال: نقم ونقم إذا أنكر، وانتقم عاقب.
صور: جعل له صورة. قيل: وهو بناء للمبالغة من صار يصور، إذا أمال، وثنى إلى حال، ولما كان التصوير إمالة إبلي حال وإثباتا فيها، جاء بناؤه على المبالغة. والصورة: الهيئة يكون عليها الشيء بالتأليف. وقال المروزي: التصوير إنه ابتداء مثال من غير أن يسبقه مثله.
الزيغ: الميل، ومنه: زاغت الشمس * (لاولى الابصار) *. وقال الراغب: الزيغ: الميل عن الاستقامة إلى أحد الجانبين، وزاغ وزال وما يتقارب، لكن زاغ لا يقال إلا فيما كان من حق إلى باطل.
التأويل: مصدر أول، ومعناه: آخر الشيء ومآله، قاله الراغب. وقال غيره: التأويل المرد والمرجع. قال:
* أؤول الحكم على وجهه * ليس قضاى بالهوى الجائر * الرسوخ: الثبوت. قال:
* لقد رسخت في القلب مني مودة * لليلى أبت أيامها أن تغيرا * الهبة: العطية المتبرع بها، يقال: وهب يهب هبة، وأصله: أن يأتي المضارع على يفعل، بكسر يا لعين. ولذلك حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، لكن لما كانت العين حرف حلق فتحت مع مراعاة الكسرة المقدرة، وهو نحو: وضع يضع، إلا أن
(٣٨٧)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»