تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٨
هذا فتح لكون لامه حرف حلق، والأصل فيهما: يوهب ويوضع. ويكون: وهب، بمعنى جعل، ويتعدى إذ ذاك إلى مفعولين، تقول العرب: وهبني الله فداك، أي: جعلني الله فداك. وهي في هذا الوجه لا تتصرف، فلا تستعمل منها بهذا المعنى إلا الفعل الماضي خاصة.
لدن: ظرف، وقل أن تفارقها: من، قاله ابن جني، ومعناها: ابتداء الغاية في زمان أو مكان، أو غيره من الذوات غير المكانية، وهي مبنية عند أكثر العرب، وإعرابها لغة قيسية، وذلك إذا كانت مفتوحة اللام مضمومة الدال بعدها النون، فمن بناها قيل: فلشبها بالحروف في لزوم استعمال واحد، وامتناع الإخبار بها، بخلاف: عند، ولدي. فإنهما يكونان لابتداء الغاية، وغير ذلك، ويستعملان فضلة وعمدة، فالفضلة كثير، ومن العمدة * (وعنده مفاتح الغيب) * * (ولدينا كتاب ينطق بالحق) * وأوضح بعضهم علة البناء فقال: علة البناء كونها تدل على الملاصقة للشيء وتختص بها. بخلاف: عند، فإنها لا تختص بالملاصقة، فصار فيها معنى لا يدل عليه الظرف، بل هو من قبيل ما يدل عليه الحرف، فهي كأنها متضمنة للحرف الذي كان ينبغي أن يوضع دليلا على القرب. ومثله: ثم، و: هنا. لأنهما بنيا لما تضمنا معنى الحرف الذي كان ينبغي أن يوضع ليدل على الإشارة.
من أعربها، وهم قيس، فتشبيها: بعند، لكون موضعها صالحا لعند، وفيها تسع لغات غير الأولى: لدن، ولدن، ولدن، ولدن، ولدن، ولد ولد، ولد ولت. بإبدال الدال تاء، وتضاف إلى المفرد لفظا كثيرا، وإلى الجملة قليلا. فمن إضافتها إلى الجملة الفعلية قول الشاعر:
* صريع غوان راقهن ورقنه * لدن شب حتى شاب سود الذوائب * قوال الآخر:
* لزمنا لدن سالتمونا وفاقكم * فلا يك منكم للخلاف جنوح * ومن إضافتها إلى الجملة الإسمية قول الشاعر:
* تذكر نعماه لدن أنت يافع * إلى أنت ذو فودين أبيض كالنسر وجاء إضافتها إلى: أن والفعل، قال:
وليت فلم يقطع لدن أن وليتناقرابة ذي قربى ولا حق مسلم وأحكام لدن كثيرة ذكرت في علم النحو.
* الإغناء: الدفع والنفع، وفلان عظيم الغنى، أي: الدفع والنفع.
الدأب: العادة. دأب على كذا: واظب عليه وأدمن. قال زهير:
* لأرتحلن بالفجر ثم لأدأبن * إلى الليل إلا أن يعرجني طفل *
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»