تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٢
فصيروا مثل كعصف مأكول ويحتمل أن لا يكون ذلك على حذف فعل، ولا على العطف على المعنى، ولا على زيادة الكاف، بل تكون الكاف اسما على ما يذهب إليه أبو الحسن، فتكون الكاف في موضع جر، معطوفة على الذي، التقدير: * (ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم) * أو إلى مثل * (الذى مرج * على قرية) *؟ ومجئ الكاف اسما فاعلة، ومبتدا ومجرورة بحرف الجر ثابت في لسان العرب، وتأويلها بعيد، فألاولى هذا الوجه الأخير، وإنما عرض لهم الإشكال من حيث اعتقاد حرفية الكاف، حملا على مشهور مذهب البصريين، والصحيح ما ذهب إليه أبو الحسن، ألا ترى في الفاعلية لمثل في قول الشاعر:
* وإنك لم يفخر عليك كفاخر * ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب؟
* والكلام على الكاف يذكر في علم النحو.
والذي مر على قرية هو عزير، قاله علي، وابن عباس، وعكرمة، وأبو العالية، وسعيد بن جبير، وقتادة، والربيع، والضحاك، والسدي، ومقاتل، وسليمان بن بريدة، وناجية بن كعب، وسالم الخواص.
وقيل: أرمياء، قاله وهب، ومجاهد، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وبكر بن مضر وقال ابن إسحاق: و أرمياء، وهو الخضر، وحكاه النقاش عن وهب.
قال ابن عطية: وهذا كما نراه إلا أن يكون إسما وافق اسما، لأن الخضر معاصر لموسى، وهذا الذي مر على القرية هو بعده بزمان من سبط هارون فيما روى وهب.
قال بعض شيوخنا، يحتمل أن يكون الخضر بعينه ويكون من المعمرين، فيكون أدرك زمان خراب القرية، وهو إلى الآن باق على قول أكثر العلماء. انتهى كلامه.
وقيل: على كافر مر على قرية وكان على حمار ومعه سلة تين، قاله الحسن. وقيل: رجل من بني إسرائيل غير مسمى، قاله مجاهد فيما حكاه مكي. وقيل: غلام لوط عليه السلام، وقيل: شعياء.
والذي أحياها بعد خرابها: لو سك الفارسي، حكاه السهيلي عن القتيبي.
والقريبة: بيت المقدس، قاله وهب، وقتادة، والضحاك، وعكرمة، والربيع. أو: قرية العنب، وهي على فرسخين من بيت المقدس، أو: الأرض المقدسة، قاله الضحاك، أو: المؤتفكة، قاله قوم، أو: القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت، قاله ابن زيد، أو: دير هرقل، قاله ابن عباس. أو: شابور أباد، قاله الكلبي، أو: سلماياذ، قاله السدي.
* (وهى خاوية على عروشها) * قيل: المعنى خاوية من أهلها ثابتة على عروشها، فالبيوت قائمة. وقال السدي. ساقطة متهدمة جدرانها على سقوفها بعد سقوط السقوف، وقيل: على، بمعنى: مع، أي: مع أبنيتها، والعروش على هذه الأبنية.
وهذه الجملة في موضع الحال من الفاعل الذي في: مر، أو: من قرية، والحال من النكرة إذا تأخرت تقل، وقيل: الجملة في موضع الصفة للقرية، ويبعد هذا القول الواو، و: على، متعلقة بمحذوف إذا كان المعنى: خاوية من أهلها، أي: مستقرة على عروشها، أو: بخاوية إذا كان المعنى ساقطة. وقيل: على عروشها بدل من قوله: قرية، أي: مر على عروشها، وقيل: في موضع الصفة لقرية، أي: مر على قرية كائنة على عروشها وهي خاوية.
* (قال أنى يحى هاذه الله
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»