تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٧
لام سنة المحذوف واوا. لقولهم: سنية وسنوات، واشتق منه الفعل، فقيل: سانيت وأسنى وأسنت. أبدل من الواو تاء، أو تكون الألف منقلبة عن ياء مبدلة من نون، فتكون من المسنون أي: المتغير، وأبدلت كراهة اجتماع الأمثال، كما قالوا: تظني، ويتلع الأصل تطنن ويتلعع، قاله أبو عرم، وخطأه الزجاج. قال: لأن المسنون: المصبوب على سنة الطريق وصوبه وقال النقاش: هو من قوله من ماء غير آسن ورد النجاة عليه هذا القول لأنه لو كان من أسن الماء لجاء لم يتأسن، لأنك لو بنيت تفعل من الأكل لقلت تأكل، ويحتمل ما قاله النقاش على اعتقاد القلب، وجعل فاء الكلمة مكان اللام، وعينها مكان الفاء، فصار: تسنأ، وأصله تأسن، ثم أبدلت الهمزة كما قالوا في: هدأ وقرأ واستقرأ، هذا وقرا واستقرا.
الحمار: هو الحيوان المعروف، ويجمع في القلة على: أفعلة قالوا: أحمرة، وفي الكثرة على: فعل، قالوا: حمر وعلى: فعيل، قالوا: حمير.
أنشر: الله الموتى، ونشرهم، ونشر الميت حيي قال الشاعر:
* حتى يقول الناس مما رأوا * يا عجبا للميت الناشر * وأما: أنشز، بالزاي فمن النشز، وهو ما ارتفع من الأرض، ومعن: أنشز الشيء جعله ناشزا، أي: مرتفعا، ومنه: انشزوا فانشزوا، وامرأة ناشز، أي: مرتفعة عن الحالة التي كانت عليها مع الزوج.
الطمأنينة: مصدر اطمأن على غير القياس، والقياس الاطمئنان، وهو: السكون، وطامنته أسكنته، وطامنته فتطامن: خفضته فانخفض، ومذهب سيبويه في اطمأن أنه مما قدمت فيه الميم على الهمزة، فهو من باب المقلوب، ومذهب الجرمي: أن الأصل في اطمأن كاطأمن، وليس من المقلوب، والترجيح بين المذهبين مذكور في علم التصريف.
الطير: اسم جمع: كركب وسفر، وليس بجمع خلافا لأبي الحسن.
صار: يصور قطع وأنصار: انقطع، وصرته أصوره: أملته، ويقال أيضا في القطع والإمالة: صاره يصيره، قاله أبو علي، وقال الفراء: الضم في الصاد يحتمل الإمالة والتقطيع، والكسر فيها لا يحتمل إلا القطع، وقال أيضا: صاره مقلوب صراه عن كذا، أي: قطعه، وقال غيره: الكسر بمعنى القطع، والضم بمعنى الإمالة.
الجبل: معروف ويجمع في القلة على: أجبال وأجبل، وفي الكثرة على: جبال.
الجزء: من الشيء، القطعة منه وجزأ الشيء جعله قطعا.
* (ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك) * مناسبة هذه القصة التي جرت بين إبراهيم والذي حاجه، وانه ناظر ذلك الكافر فغلبه وقطعه، إذ كان الله وليه، وانقطع ذلك الكافر وبهت إذ كان وليه هو الطاغوت: * (ألا إن حزب الله هم * الغالبون) * * (ألا إن حزب الله هم المفلحون) * فصارت هذه القصة مثلا للمؤمن والكافر اللذين تقدم ذكرهما، وتقدم الكلام على قوله: * (ألم تر إلى الذين) * فأغنى عن إعادته.
وقرأ علي بن أبي طالب: ألم تر، بسكون الراء، وهو من إجراء الوصل مجرى الوقف، والذي حاج إبراهيم: هو نمروذ بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، ملك زمانه وصاحب النار والبعوضة، قاله مجاهد، وقتادة، والربيع، والسدي، وابن إسحاق، وزيد بن أسلم، وغيرهم. وقال ابن جريج: هو أول ملك في الأرض، ورده ابن عطية.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»