تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٣٧
أنه إذا أضيف لا يجوز فيه إلا النصب، وإذا أفردته اختير الرفع، قال: * (فويل للذين) *، ويجوز النصب، قال:
فويلا لتيم من سرابيلها الخضر والويل: معناه الفضيحة والحسرة، وقال الخليل: الويل: شدة الشر، وقال المفضل وابن عرفة: الويل: الحزن، يقال: تويل الرجل: دعا بالويل، وإنما يقال ذلك عند الحزم والمكروه. وقال غيره: الويل: الهلكة، وكل من وقع في هلكة دعا بالويل، وقال الأصمعي: هي كلمة تفجع، وقد يكون ترحما، ومنه:
ويل أمه مسعر حرب الأيدي: جمع يد، ويد مما حذف منه اللام، ووزنه فعل، وقد صرح بالأصل. قالوا: يدي، وقد أبدلوا من الياء الأولى همزة، قالوا: قطع الله أدية، وأبدلوا منها أيضا جيما، قالوا: لا أفعل ذلك جد الدهر، يريدون يد الدهر، وهي حقيقة في الجارحة، مجاز في غيرها. وأما الأيادي فجمع الجمع، وأكثر استعمال الأيادي في النعم، والأصل: الأيدي، استثقلنا الضمة على الياء فحذفت، فسكنت الياء، وقبلها قسمة، فانقلبت واوا، فصار الأيد. وكما قيل في ميقن موقن، ثم إنه لا يوجد في لسانهم واو ساكنة قبلها ضمة في اسم، وإذا أدى القياس إلى ذلك، قلبت تلك الواو ياء وتلك الضمة قبلها كسرة، فصار الأيدي. وقد تقدم الكلام على اليد عند الكلام على قوله: * (لما بين يديها) *. الكسب: أصله اجتلاب النفع، وقد جاء في اجتلاب الضر، ومنه: بلى من كسب سيئة، والفعل منه يجيء متعديا إلى واحد، تقول: كسبت مالا، وإلى اثنين تقول: كسبت زيدا مالا. وقال ابن الأعرابي؛ يقال: كسب هو نفسه وأكسب غيره، وأنشد:
فأكسبني مالا وأكسبته حمدا المس: الإصابة، والمس: الجمع بين الشيئين على نهاية القرب، واللمس: مثله لكن مع الإحساس، وقد يجيء المس مع الإحساس. وحقيقة المس واللمس باليد. ونقل من الإحساس إلى المعاني مثل: * (أنى مسنى الشيطان) * * (يتخبطه الشيطان من المس) *، ومنه سمي الجنون مسا، وقيل: المس واللمس والجس متقارب، إلا أن الجس عام في المحسوسات، والمس فيما يخفى ويدق، كنبض العروق، والمس واللمس بظاهر البشرة، والمس كناية عن النكاح وعن الجنون. المعدود: اسم مفعول من عد، بمعنى حسب، والعدد هو الحساب. الإخلاف: عدم الإيفاء بالشيء الموعود. بلى: حرف جواب لا يقع إلا بعد نفي في اللفظ أو المعنى، ومعناها: رده، سواء كان مقرونا به أداة الاستفهام، أو لم يكن، وقد وقع جوابا للاستفهام في مثل: هل يستطيع زيد مقاومتي؟ إذا كان منكرا لمقاومة زيد له، لما كان معناه النفي، ومما وقعت فيه جوابا للاستفهام قول الحجاف بن حكيم:
* بل سوف نبكيهم بكل مهند * ونبكي نميرا بالرماح الخواطر * وقعت جوابا للذي قال له، وهو الأخطل:
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»