تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٣٦
ونبأ، وأما حدث فقد أنشدوا بيت الحارث بن حلزة:
* أو منعتم ما تسألون فمن * حدثتموه له علينا العلاء * وجعلوا حدث فيه متعدية إلى ثلاثة، ويحتمل أن يكون التقدير: حدثتموا عنه. والجملة بعده حال. كما خرج سيبويه قوله: ونبئت عبد الله، أي عن عبد الله، مع احتمال أن يكون ضمن نبئت معنى: أعلمت، لكن رجح عنده حذف حرف الجر على التضمين. وإذا احتمل أن يخرج بيت الحارث على أن يكون مما حذف منه الحرف، لم يكن فيه دليل على إثبات تعدى حدث إلى ثلاثة بنفسه، فينبغي أن لا يذهب إلى ذلك، إلا أن يثبت من لسان العرب. الفتح: القضاء بلغة اليمن، * (وهو الفتاح العليم) *. والأذكار: فتح على الإمام، والظفر: * (فقد جاءكم الفتح) *. قال الكلبي: وبمعنى القصص. قال الكسائي: وبمعنى التبيين. قال الأخفش: وبمعنى المن. وأصل الفتح: خرق الشيء، والسد ضده. المحاجة: من الاحتجاج، وهو القصد للغلبة، حاجه: قصد أن يغلب. والحجة: الكلام المستقيم، مأخوذ من محجة الطريق.
أسر الشيء: أخفاه، وأعلنه: أظهره. الأمي: الذي لا يقرأ في كتاب ولا يكتب، نسب إلى الأم لأنه ليس من شغل النساء أن يكتبن أو يقرأن في كتاب، أو لأنه بحال ولدته أمه لم ينتقل عنها، أو نسب إلى الأمة، وهي القامة والخلقة، أو إلى الأمة، إذ هي ساذجة قبل أن تعرف المعارف. الأماني: جمع أمنية، وهي أفعولة، أصله: أمنوية، اجتمت ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وهي من منى، إذا قدر، لأن المتمني يقدر في نفسه ويحزر ما يتمناه، أو من تمنى: أي كذب. قال أعرابي لابن دأب في شيء حدث به: أهذا شيء رويته أم تمنيته. أي اختلقته. وقال عثمان: ما تمنيت ولا تغنيت منذ أسلمت، أو من تمني إذا تلا، قال تعالى: * (إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته) *، أي إذا تلا وقرأ، وقال الشاعر:
* تمنى كتاب الله أول ليله * وآخره لاقى حمام المقادر * والتلاوة والكذب راجعان لمعنى التقدير، فالتقدير أصله، قال الشاعر:
* ولا تقولن لشيء سوف أفعله * حتى تبين ما يمنى لك الماني * أي يقدر، وجمعها بتشديد الياء لأنه أفاعيل. وإذا جمع على أفاعل خففت الياء، والأصل التشديد، لأن الياء الأولى في الجمع هي الواو التي كانت في المفرد التي انقلبت فيه ياء، ألا ترى أن جمع أملود أماليد؟ ويل: الويل مصدر لا فعل له من لفظه، وما ذكر من قولهم. وأل مصنوع، ولم يجيء من هذه المادة التي فاؤها واو وعينها ياء إلا: ويل، وويح، وويس، وويب، ولا يثني ولا يجمع. ويقال: ويله، ويجمع على ويلات. قال:
فقالت لك الويلات إنك مرجلي وإذا أضيف ويل، فالأحسن فيه النصب، قال تعالى: * (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) *. وزعم بعض
(٤٣٦)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»