التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٥٢
دائرة السوء) يحتمل أن يكون خبرا أو دعاء * (إنا أرسلناك شاهدا) * أي تشهد على أمتك * (وتعزروه) * أي تعظموه وقيل تنصرونه وقريء تعززوه بزايين منقوطتين والضمير في تعزروه وتوقروه للنبي صلى الله عليه وسلم وفي تسبحوه لله تعالى وقيل الثلاثة لله * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) * هذا تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم حيث جعل مبايعته بمنزلة مبايعة الله ثم أكد هذا المعنى بقوله * (يد الله فوق أيديهم) * وذلك على وجه التخييل والتمثيل يريد أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تعلو يد المبايعين له هي يد الله في المعنى وإن لم تكن كذلك في الحقيقة وإنما المراد أن عقد ميثاق البيعة مع الرسول عليه الصلاة والسلام كعقده مع الله كقوله " من يطع الرسول فقد أطاع الله وتأول المتأولون ذلك بأن يد الله معناها النعمة أو القوة وهذا بعيد هنا ونزلت الآية في بيعة الرضوان تحت الشجرة وسنذكرها بعد " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " يعني أن ضرر نكثه على نفسه ويراد بالنكث هنا نقض البيعة " سيقول لك المخلفون من الأعراب " الآية سماهم بالمخلفين لأنهم تخلفوا عن غزوة الحديبية والأعراب هم أهل البوادي من العرب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة يعتمر رأوا أنه يستقبل عدوا كثيرا من قريش وغيرهم فقعدوا عن الخروج معه ولم يكن إيمانهم متمكنا فظنوا أنه لا يرجع هو والمؤمنون من ذلك السفر ففضحهم الله في هذه السورة وأعلم رسوله صلى الله عليه وسلم بقولهم واعتذارهم قبل أن يصل إليهم وأعلمه أنهم كاذبون في اعتذارهم " يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم " يحتمل أن يريد قولهم شغلتنا أموالنا وأهلونا لأنهم كذبوا في ذلك أو قولهم فاستغفر لنا لأنهم قالوا ذلك رياء من غير صدق ولا توبة " قوما بورا " أي هالكين من البوار وهو الهلاك ويعني به الهلاك في الدين " سيقول المخلفون " الآية أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن المخلفين عن غزوة الحديبية يريدون الخروج معه إذا خرجوا إلى غزوة أخرى وهي غزوة خيبر فأمر الله بمنعهم من ذلك وأن يقول لهم لن تتبعونا " يريدون أن يبدلوا كلام الله " أي يريدون أن يبدلوا وعد الله لأهل الحديبية
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»