يقصد الإنسان أن يغلب من يناظره سواء غلبه بحق أو بباطل فإن ابن الزبعري وأمثاله ممن لا يخفى عليه أن عيسى لم يدخل في قوله تعالى حصب جهنم ولكنهم أرادوا المغالطة فوصفهم الله بأنهم قوم خصمون * (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه) * يعني عيسى والإنعام عليه بالنبوة والمعجزات وغير ذلك * (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) * في معناها قولان أحدهما لو نشاء لجعلنا بدلا منكم ملائكة يسكنون الأرض ويخلفون فيها بني آدم فقوله منكم يتعلق ببدل المحذوف أو بيخلفون والآخر لو نشاء لجعلنا منكم أي لولدنا منكم أولادا ملائكة يخلفونكم في الأرض كما يخلفكم أولادكم فإنا قادرون على أن نخلق من أولاد الناس ملائكة فلا تنكروا أن خلقنا عيسى من غير والد حكى ذلك الزمخشري " وإنه لعلم الساعة " الضمير لعيسى وقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم وقيل للقرآن فأما على القول بأنه لعيسى أو لمحمد فالمعنى أنه شرط من أشراط الساعة يوجب العلم بها فسمى الشرط علما لحصول العلم به ولذلك قرىء لعلم بفتح العين واللام أي علامة وأما على القول بأنه للقرآن فالمعنى أنه يعلمكم بالساعة " أولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه " إنما بين البعض دون الكل لأن الأنبياء إنما يبينون أمور الدين لا أمور الدنيا وقيل بعض بمعنى كل وهذا ضعيف * (فاختلف الأحزاب) * ذكر في مريم * (هل ينظرون إلا الساعة) * أي ينتظرون والضمير لقريش أو للأحزاب * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) * الأخلاء جمع خليل وهو الصديق وإنما يعادي الخليل خليله يوم القيامة لأن الضرر دخل عليه من صحبته ولذلك استثنى المتقين لأن النفع دخل على بعضهم من بعض * (يا عباد) * الآية تقديره يقول الله يوم القيامة للمتقين يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون * (تحبرون) * أي تنعمون وتسرون * (وهم فيه مبلسون) * أي يأسون من الخير " ونادوا يا ملك ليقض علينا ربك " المعنى أنهم طلبوا الموت ليستريحوا من
(٣٢)