التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٠
أن يسأل الرسل المتقدمين وهو لم يدركهم فالجواب من ثلاثة أوجه الأول أنه رآهم ليلة الإسراء الثاني أن المعنى اسأل أمة من أرسلنا قبلك الثالث أنه لم يرد سؤالهم حقيقة وإنما المعنى أن شرائعهم متفقة على توحيد الله بحيث لو سئلوا أهل مع الله آلهة يعبدون لأنكروا ذلك ودانوا بالتوحيد * (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) * الآيات هنا المعجزات كقلب العصا حية وإخراج اليد بيضاء وقيل البراهين والحجج العقلية والأول أظهر ومعنى أكبر من أختها أنها في غاية الكبر والظهور ولم يرد تفضيلها على غيرها من الآيات إنما المعنى أنها إذا نظرت وجدت كبيرة وإذا نظرت غيرها وجدت كبيرة فهو كقول الشاعر (من تاق منهم فقل لا قيت سيدهم *) هكذا قال الزمخشري ويحتمل عندي أن يريد ما نريهم من آية إلا هي أكبر مما تقدمها فالمراد أكبر من أختها المتقدمة عليها * (وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك) * ظاهر كلامهم هذا التناقض فإن قولهم يا أيها الساحر يقتضي تكذيبهم له وقولهم ادع لنا ربك يقتضي تصديقه والجواب من وجهين أحدهما أن القائلين لذلك كانوا مكذبين وقولهم ادع لنا ربك يريدون على قولك وزعمك وقولهم إننا لمهتدون وعد نووا خلافه والآخر أنهم كانوا مصدقين وقولهم يا أيها الساحر إما أن يكون عندهم غير مذموم لأن السحر كان علم أهل زمانهم وكأنهم قالوا يا أيها العالم وإما أن يكون ذلك اسما قد ألفوا تسمية موسى به من أول ما جاءهم فنطقوا به بعد ذلك من غير اعتقاد معناه * (ونادى فرعون في قومه) * يحتمل أنه ناداهم بنفسه أو أمر مناديا ينادي فيهم * (قال يا قوم أليس لي ملك مصر) * قصد بذلك الافتخار على موسى ومصر هي البلد المعروف وما يرجع إليه ومنتهى ذلك من نهر إسكندرية إلى أسوان بطول النيل * (وهذه الأنهار تجري من تحتي) * يعني الخلجان الكبار الخارجة من النيل كانت تجري تحت قصره وأعظمها أربعة أنهار نهر الإسكندرية وتنيس ودمياط ونهر طولون * (أفلا تبصرون أم أنا خير) * مذهب سيبوية أن أم هنا متصلة معادلة والمعنى أفلا تبصرون أم تبصرون ثم وضع قوله أنا خير موضع تبصرون لأنهم إذا قالوا له أنت خير فإنهم عنده بصراء وهذا من وضع السبب موضع المسبب وكان الأصل أن يقول أفلا تبصرون أم تبصرون ثم اقتصر على أم وحذف الفعل الذي بعدها واستأنف قوله أنا خير على وجه الإخبار ويوقف على هذا القول على أم وهذا ضعيف وقيل أم بمعنى بل فهي منقطعة * (مهين) * أي ضعيف حقير قاله الزمخشري وغيره * (ولا يكاد يبين) * إشارة إلي ما بقي في لسان موسى من أثر الجمرة وذلك أنها كانت قد أحدثت في لسانه عقدة فلما دعا أن تحل أجيبت دعوته وبقي منها أثر كان معه لكنه
(٣٠)
مفاتيح البحث: الزمخشري (2)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»