التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٧
* (وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم) * الضمير في قالوا للكفار وفي عبدناهم للملائكة وقال ابن عطية للأصنام والأول أظهر وأشهر والمعنى احتجاج احتج به الذين عبدوا الملائكة وذلك أنهم قالوا لو أراد الله أن لا نعبدهم ما عبدناهم فكونه يمهلناوينعم علينا دليل على أنه يرضى عبادتنا لهم ثم رد الله عليهم بقوله * (ما لهم بذلك من علم) * يعني أن قولهم بلا دليل وحجة وإنما هو تخرص منهم * (أم آتيناهم كتابا من قبله) * أي من قبل القرآن وهذا أيضا رد عليهم لكونهم ليس لهم كتاب يحتجون به * (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة) * أي على دين وطريقة والمعنى أنهم ليس لهم حجة وإنما هم مقلدو آبائهم * (وكذلك ما أرسلنا من قبلك) * الآية المعنى كما اتبع هؤلاء الكفار آباءهم بغير حجة اتبع كل من كان قبلهم من الكفار آباءهم بغير حجة بل بطريق التقليد المذموم " قل أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم " هذا رد على الذين اتبعوا آباءهم والمعنى قل لهم أتتبعونهم ولو جئتكم بدين أهدى من الدين الذي وجدتم عليه آباءكم وقرئ قال أو لو جئتكم والفاعل ضمير يعود على النذير المتقدم وأما قراءة قل بالأمر فهو خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم أمره الله أن يقول ذلك لقريش وقيل هو للنذير المتقدم أمره الله أن يقول ذلك لقومه والأول أظهر وعلى هذا تكون هذه الجملة اعتراضا بين قصة المتقدمين فإن قوله قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون حكاية عن الكفار المتقدمين وكذلك قوله فانتقمنا منهم يعني من المتقدمين * (إنني براء) * أي بريء وبراء من الأصل مصدر ثم استعمل صفة ولذلك استوى فيه الواحد والجماعة كعدل وشبهه * (إلا الذي فطرني) * يحتمل أن يكون استثناء منقطعا وذلك إن كانوا لا يعبدون الله أو يكون متصلا إن كانوا يعبدون الله ويعبدون معه غيره وإعرابه على هذا بدل مما تعبدون فهو في موضع خفض أو منصوب على الاستثناء فهو في موضع نصب * (سيهدين) * قال هنا سيهدين وقال مرة أخرى فهو يهدين ليدل على أن الهداية في الحال والاستقبال * (وجعلها كلمة باقية في عقبه) * ضمير الفاعل في جعلها يعود على إبراهيم عليه السلام وقيل على الله تعالى والأول أظهر والضمير يعود على الكلمة التي قالها وهي إنني براء مما تعبدون ومعناها التوحيد ولذلك قيل يعود على الاسلام لقوله هو سماكم المسلمين من قبل وقيل يعود على لا إله ألا الله والمعنى متقارب أي جعل إبراهيم تلك الكلمة ثابتة في ذريته لعل من أشرك منهم يرجع إلى التوحيد والعقب هو الولد وولد الولد ما تناسلا أبدا * (بل متعت هؤلاء وآباءهم) * الإشارة بهؤلاء إلى قريش وهذا الكلام متصل بما قبله لأن قريشا من عقب إبراهيم عليه السلام
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»