التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٢١
التوبة على ثلاثة أوجه أحدها التوبة من الكفر فهي مقبولة قطعا والثاني التوبة من مظالم العباد فهي غير مقبولة حتى ترد المظالم أو يستحل منها والثالث التوبة من المعاصي التي بين العبد وبين الله فالصحيح أنها مقبولة بدليل هذه الآية وقيل إنها في المشيئة * (ويعفو عن السيئات) * العفو مع التوبة على حسب ما ذكرنا وأما العفو دون التوبة فهو على أربعة أقسام الأول العفو عن الكفر وهو لا يكون أصلا والثاني العفو عن مظالم العباد وهو كذلك والثالث العفو عن الذنوب الصغائر إذا اجتنبت الكبائر وهو حاصل باتفاق الرابع العفو عن الكبائر فمذهب أهل السنة في المشيئة ومذهب المعتزلة أنها لا تغفر إلا بالتوبة * (ويستجيب الذين آمنوا) * فيه ثلاثة أقوال أحدها أن معنى يستجيب يجيب والذين آمنوا مفعول والفاعل ضمير يعود على الله تعالى أي يجيبهم فيما يطلبون منه وقال الزمخشري أي أصله يستجيب للذين آمنوا فحذف اللام والثاني أن معناه يجيب والذين آمنوا فاعل أي يستجيب المؤمنون لربهم باتباع دينه والثالث أن معناه يطلب المؤمنون الإجابة من ربهم واستفعل على هذا على بابه من الطلب والأول أرجح لدلالة قوله ويزيدهم من فضله ولأنه قول ابن عباس ومعاذ بن جبل * (ويزيدهم من فضله) * أي يزيدهم مالا يطلبون زيادة على الاستجابة فيما طلبوا وهذه الزيادة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها الشفاعة والرضوان * (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) * أي بغي بعضهم على بعض وطغوا لأن الغني يوجب الطغيان وقال بعض الصحابة فينا نزلت لأنا نظرنا إلى أموال الكفار فتمنيناها " وهو الذي ينزل الغيث من بعدما قنطوا " قيل لعمر رضي الله عنه اشتد القحط وقنط الناس فقال الآن يمطرون وأخذ ذلك من هذه الآية ومنه قوله صلى الله عليه وسلم اشتدي أزمة تنفرجي " وينشر رحمته قيل يعني المطر فهو تكرار للمعني الأول بلفظ آخر وقيل يعني الشمس وقيل بالعموم " وما بث فيهما من دابة " لا إشكال لأن الدواب في الأرض وأما في السماء فقيل يعني الملائكة وقيل يمكن أن تكون في السماء دواب لا نعلمها نحن وقيل المعنى أنه بث في أحدهما فذكر الاثنين كما تقول في بني فلان كذا وإنما هو في بعضهم " وهو على جمعهم إذا يشاء قدير " يريد جمع الخلق في الحشر يوم القيامة " وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم " المعنى أن المصائب التي تصيب الناس في أنفسهم وأموالهم إنما هي بسبب الذنوب قال رسوال الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب ابن آدم خدش عود أو عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفوا الله عنه أكثر وقرئ بما كسبت بغير فاء على أن يكون ما أصابكم بمعنى الذي وقرئ بالفاء على أن يكون ما أصابكم شرطا " بمعجزين " قد ذكر " الجواري " جمع جارية وهي السفينة " كالأعلام "
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»