التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٦
يعني أصناف الحيوان والنبات وغير ذلك * (لتستووا على ظهوره) * الضمير يعود على ما تركبون * (ثم تذكروا نعمة ربكم) * يحتمل أن يكون هذا لذكر بالقلب أو باللسان ويحتمل أن يريد النعمة في تسخير هذا المركوب أو النعمة على الاطلاق وكان بعض السلف إذا ركب دابة يقول الحمد لله الذي هدانا للإسلام ثم يقول سبحان الذي سخر لنا هذا * (وما كنا له مقرنين) * أي مطيقين وغالبين * (وإنا إلى ربنا لمنقلبون) * اعتراف بالحشر فإن قيل ما مناسبة هذا للركوب فالجواب أن راكب السفينة أو الدابة متعرض للهلاك بما يخاف من غرق السفينة أو سقوطه عن الدابة فأمر بذكر الحشر ليكون مستعدا للموت الذي قد يعرض له وقيل يذكر عند الركوب ركوب الجنازة * (وجعلوا له من عباده جزءا) * الضمير في جعلوا لكفار العرب وفي له لله تعالى وهذا الكلام متصل بقوله ولئن سألتهم الآية والمعنى أنهم جعلوا الملائكة بنات الله فكأنهم جعلوا جزءا من عبادة نصيبا له وحظادون سائر عباده وقال الزمخشري معناه أنهم جعلوا الملائكة جزءا منه وقال بعض اللغويين الجزء في اللغة الإناث واستشهد على ذلك ببيت شعر قال الزمخشري وذلك كذب على اللغة والبيت موضوع * (أم اتخذ مما يخلق بنات) * أم للإنكار والرد على الذين قالوا إن الملائكة بنات الله ومعنى أصفاكم خصكم أي كيف يتخذ لنفسه البنات وهن أدنى وأصفاكم بالبنين وهم أعلا * (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا) * أي إذا بشر بالأنثى وقد ذكر هذا المعنى في النحل والمراد أنهم يكرهون البنات فكيف ينسبونها إلى الله تعالى عن قولهم " أو من ينشؤا في الحلية " المراد بمن ينشأ في الحلية النساء والحلية هي الحلى من الذهب والفضة وشبه ذلك ومعنى ينشأ فيها يكبر وينبت في استعمالها وقرئ ينشأ بضم الياء وتشديد الشين بمعنى يربى فيها والمقصد الرد على الذين قالوا الملائكة بنات الله كأنه قال أجعلتم لله من ينشأ في الحلية وذلك صفة النقص ثم أتبعها بصفة نقص أخرى وهي قوله وهو في الخصام غير مبين يعني أن الأنثى إذا خاصمت أو تكلمت لم تقدر أن تبين حجتها لنقص عقلها وقل ما تجد امرأة إلا تفسد الكلام وتخلط المعاني فكيف ينسب لله من يتصف بهذه النقائص وإعراب ينشأ مفعول بفعل مضمر تقديره أجعلتم لله من ينشأ أو مبتدأ وخبره محذوف تقديره أو من ينشأ في الحلية خصصتم به الله * (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) * الضمير في جعلوا الكفار العرب فحكى عنهم ثلاثة أقوال شنيعة أحدها أنهم نسبوا إلى الله الولد والآخر أنهم نسبوا إليه البنات دون البنين والثالث أنهم جعلوا الملائكة المكرمين إناثا وقرئ عند الرحمن بالنون والمراد به قرب الملائكة وتشريفهم كقوله والذين عند ربك وقرئ عباد بالباء جمع عبد والمراد به أيضا الاختصاص والتشريف * (أشهدوا خلقهم) * هذا رد على العرب في قولهم إن الملائكة إناثا والمعنى هم لم يشهدوا خلق الملائكة فكيف يقولون ما ليس لهم به علم " ستكتب شهادتهم ويسئلون " أي تكتب شهادتهم التي شهدوا بها على الملائكة ويسئلون عنها يوم القيامة
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»