قاتلته الفئة الباغية قاتلها انتصار للحق وانظر كيف سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم المقاتلين لعلى الفئة الباغية حسبما ورد في الحديث الصحيح أنه قال لعمار بن ياسر تقتلك الفئة لباغية فذلك هو البغي الذي أصابه وقوله * (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) * إشارة إلى فعل الحسن بن علي حين بايع معاوية وأسقط حق نفسه ليصلح أحوال المسلمين ويحقن دماءهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحسن إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وقوله ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إشارة إلى انتصار الحسين بعد موت الحسن وطلبه للخلافة وانتصاره من بني أمية وقوله * (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) * إشارة إلى بني أمية فإنهم استطالوا على الناس كما جاء في الحديث عنهم أنهم جعلوا عباد الله خولا ومال الله دولا ويكفيك من ظلمهم أنهم كانوا يلعنون علي بن أبي طالب على منابرهم وقوله * (ولمن صبر وغفر) * الآية إشارة إلى صبر أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على مانالهم من الضر والذل طول مدة بني أمية * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * سمي العقوبة باسم الذنب وجعلها مثلها تحرزا من الزيادة عليها * (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) * هذا يدل على أن العفو عن الظلمة أفضل من الانتصار لأنه ضمن الأجر في العفو وذكر الانتصار بلفظ الإباحة في قوله * (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) * وقيل إن الانتصار أفضل والأول أصح فإن قيل كيف ذكر الانتصار في صفات المدح في قوله * (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) * والمباح لامدح فيه ولا ذم فالجواب من ثلاثة أوجه أحدها أن المباح قد يمدح لأنه قيام بحق لا بباطل والثاني أن مدح الانتصار لكونه كان بعد الظلم تحرزا ممن بدأ بالظلم فكأن المدح إنما هو بترك الابتداء بالظلم والثالث إن كانت الإشارة بذلك إلى علي بن أبي طالب حسبما ذكرنا فانتصاره محمود لأن قتال أهل البغي واجب لقوله تعالى * (فقاتلوا التي تبغي) * * (يعرضون عليها) * أي على النار * (خاشعين من الذل) * عبارة عن الذل والكآبة ومن الذل يتعلق بخاشعين * (ينظرون من طرف خفي) * فيه قولان أحدهما أنه عبارة عن الذل لأن نظر الذليل بمهابة واستكانة والآخر أنهم يحشرون عميا فلا ينظرون بأبصارهم وإنما ينظرون بقلوبهم واستبعد هذا ابن عطية والزمخشري والظرف يحتمل أن يريد به العين أو يكون مصدرا * (يوم القيامة) * يتعلق بقال أو بخسروا * (ألا إن الظالمين) * يحتمل أن يكون من كلام الذين آمنوا أو مستأنفا من كلام الله تعالى * (لا مرد له) *
(٢٣)