التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ٢١٧
هذا قول أبي بن كعب سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العصر فقال أقسم ربكم بآخر النهار والثالث أنه الزمان * (إن الإنسان لفي خسر) * الانسان جنس ولذلك استثنى منه الذين آمنوا فهو استثناء متصل * (وتواصوا بالحق) * أي وصى بعضهم بعضا بالحق وبالصبر فالحق هو الاسلام وما يتضمنه وفيه إشارة إلى كذب الكفار وفي الصبر إشارة إلى صبر المؤمنين على إذاية الكفار لهم بمكة سورة الهمزة * (ويل لكل همزة لمزة) * هو على الجملة الذي يعيب الناس ويأكل أعراضهم واشتقاقه من الهمز واللمز وصيغة فعلة للمبالغة واختلف في الفرق بين الكلمتين فقيل الهمز في الحضور واللمز في الغيبة وقيل بالعكس وقيل الهمز باليد والعين واللمز باللسان وقيل هما سواء ونزلت السورة في الأخنس بن شريق لأنه كان كثير الوقيعة في الناس وقيل في أمية بن خلف وقيل في الوليد بن المغيرة ولفظها مع ذلك على العموم في كل من اتصف بهذه الصفات * (وعدده) * أي أحصاه وحافظ على عدده ألا ينقص فمنعه من الخيرات وقيل معناه استعده وادخره عدة لحوادث الدهر " أيحسب أن ماله أخلده " أي يظن بفرط جهله واغتراره أن ماله يخلده في الدنيا وقيل يظن أن ماله يوصله إلى دار الخلد * (كلا) * رد عليه فيما ظنه * (لينبذن في الحطمة) * هذا جواب قسم محذوف والحطمة هي جهنم وإنما سميت حطمة لأنها تحطم ما يلقى فيها وتلتهبه وقد عظمها بقوله وما أدراك ثم فسرها بأنها * (نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة) * أي تبلغ القلوب بإحراقها قال ابن عطية يحتمل أن يكون المعنى أنها تطلع على ما في القلوب من االعقائد والنيات باطلاع الله إياها * (مؤصدة) * مغلقة * (في عمد ممددة) * العمد جمع عمود وهو عند سيبويه اسم جمع وقرئ عمد بضمتين والعمود هو المستطيل من حديد أو خشب والممددة الطويلة وفي المعنى قولان أحدهما أن أبواب جهنم أغلقت عليهم ثم مدت على أبوابها عمد تشديدا في الإغلاق والثقاف كما تثقف أبواب البيوت بالعمد وهو على هذا متعلق بمؤصدة والآخر أنهم موثوقون مغلولون في العمد فالمجرور على هذا في موضع خبر مبتدأ مضمر تقديره هم موثوقون في عمد سورة الفيل نزلت هذه السورة منبهة على العبرة في قصة الفيل التي وقعت في عام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها تدل على كرامة الله للكعبة وإنعامه على قريش بدفع العدو عنهم فكان يجب عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به وفيها مع ذلك عجائب من قدرة الله وشدة عقابه وقد ذكرت القصة في كتب السير وغيرها
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»