اليمن والإخبار بذلك كله قبل وقوعه إخبار بغيب فهو من أعلام النبوة * (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) * أي جماعات وذلك أنه أسلم بعد فتح مكة بشر كثير فقد روى أن رسول صلى الله عليه وسلم كان معه في فتح مكة عشرة آلاف وكان معه في غزوة تبوك سبعون ألفا وقال أبو عمر بن عبد البر لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي العرب رجل كافر وقد قيل إن عدد المسلمين عند موته مائة ألف وأربعة عشر ألفا * (فسبح بحمد ربك واستغفره) * قد ذكر التسبيح والاستغفار ومعنى بحمد ربك فيما تقدم فإن قيل لم أمره الله بالتسبيح والحمد والاستغفار عند رؤية النصر والفتح وعند اقتراب أجله فالجواب أنه أمر بالتسبيح والحمد ليكون شكرا على النصر والفتح وظهور الإسلام وأمره بذلك وبالاستغفار عند اقتراب أجله ليكون ذلك زاد للآخرة وعدة للقاء الله سورة أبي لهب سببها أنه لما نزل قوله تعالى * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فنادى بأعلى صوته يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش فقال لهم إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ثم أنذرهم عموما وخصوصا فقال له أبو لهب تبا لك لهذا جمعتنا فنزلت السورة " تبت يد أبي لهب " معنى تبت خسرت والتباب هو الخسران وأبو لهب هو عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أشد الناس عداوة له فإن قيل لم ذكره الله بكنيته دون اسمه فالجواب من ثلاثة أوجه أحدها أن كنيته كانت أغلب عليه من اسمه كأبي بكر وغيره ويقال إنه كنى بأبي لهب لتلهب وجهه جمالا الثاني أنه لما كان اسمه عبد العزى عدل عنه إلى الكنية الثالث أنه لما كان من أهل النار واللهب كناه أبا لهب وليناسب ذلك قوله سيصلى نارا ذات لهب * (ما أغنى عنه ماله وما كسب) * يحتمل أن تكون ما نافية أو استفهامية يراد بها النفي وماله هو رأس ماله وما كسب الربح أو ماله ما ورث وما كسب هو ما اكتسبه لنفسه وقيل ماله جميع ماله وما كسب * (سيصلى نارا ذات لهب) * هذا حتم عليه بدخول النار ومات بعد ذلك كافرا * (وامرأته حمالة الحطب) * اسم امرأته أم جميل بنت حرب بن أمية وهي أخت أبي سفيان وعمه معاوية وفي وصفها بحمالة الحطب أربعة أقوال أحدها أنها كانت تحمل حطبا وشوكا فتلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه الثاني أن ذلك عبارة عن مشيها بالنميمة يقال فلان يحمل الحطب بين الناس أي يوقد بينهم نار العداوة بالنمائم الثالث أنه عبارة عن سعيها بالمضرة على المسلمين يقال فلان يحطب على فلان إذا قصد الإضرار به الرابع أنه عبارة عن ذنوبها وسوء أعمالها * (في جيدها حبل من مسد) * الجيد العنق والمسد الليف وقيل الحبل المفتول وفي المراد به ثلاثة أقوال الأول أنه إخبار عن حملها الحطب في الدنيا على القول الأول وفي ذلك تحقير لها وإظهار لخساسة حالها والآخر أنه حالها في جهنم يكون كذلك أي يكون في عنقها حبل الثالث أنها كانت لها قلادة فاخرة فقالت لأنفقنها على عداوة محمد فأخبر عن قلادتها بحبل المسد على جهة التفاؤل والذم لها بتبرجها ويحتمل قوله وامرأته وما بعده وجوها من الإعراب
(٢٢٢)