التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٥٣
السفهاء الذين في طاعتك ويعتقد أن ذلك الجن الذي بالوادي يحميه * (فزادوهم رهقا) * ضمير الفاعل للجن وضمير المفعول للإنس والمعنى أن الجن زادوا الإنس ضلالا وإثما لما عاذوا بهم أو زادوهم تخويفا لما رأوا ضعف عقولهم وقيل ضمير الفاعل للإنس وضمير المفعول للجن والمعنى أن الإنس زادوا الجن تكبرا وطغيانا لما عاذوا بهم حتى كان الجن يقول أنا سيد الجن والإنس * (وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا) * الضمير في ظنوا لكفار الإنس وظننتم خطاب الجن بعضهم لبعض فالمعنى أن كفار الإنس والجن ظنوا أن لن يبعث الله أحدا والبعث هنا يحتمل أن يريد به بعث الرسل أو البعث من القبور * (وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا) * هذا إخبار عن ما حدث عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من منع الجن من استراق السمع من السماء ورجمهم واللمس المس واستعير هنا للطلب والحرس اسم مفرد في معنى الحراس كالخدم في معنى الخدام ولذلك وصف بشديد وهو مفرد ويحتمل أن يريد به الملائكة الحراس أو النجوم الحارسة وكرر الشهب لاختلاف اللفظ * (وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع) * المقاعد جمع مقعد وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم صورة قعود الجن أنهم كانوا واحدا فوق واحد فمتى أحرق الأعلى طلع الذي تحته مكانه فكانوا يسترقون الكلمة فيلقونها إلى الكهان ويزيدون معها ثم يزيد الكهان للكلمة مائة كذبة * (فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا) * الرصد اسم جمع للراصد كالحراس للحارس وقال ابن عطية هو مصدر وصف به ومعناه منتظر قال بعضهم إن رمي الجن بالنجوم إنما حدث بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم واختارا بن عطية والزمخشري أنه كان قبل المبعث قليلا ثم زاد بعد المبعث وكثر حتى منع الجن من استراق السمع بالكلية والدليل أنه كان قبل المبعث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وقد رأى كوكبا انقض ما كنتم تقولون لهذا في الجاهلية قالوا كنا نقول ولد ملك أو مات ملك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الأمر كذلك ثم وصف استراق الجن للسمع وقد ذكر شعراء الجاهلية ذلك في أشعارهم * (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض) * الآية قال ابن عطية معناه لا ندري أيؤمن الناس بهذا النبي فيرشدوا أو يكفرون به فينزل بهم الشر وقال الزمخشري معناه لا ندري هل أراد الله بأهل الأرض خيرا أو شرا من عذاب أو رحمة أو من خذلان أو من توفيق * (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك) * أي منا قوم دون ذلك فحذف الموصوف وأراد به الذين ليس صلاحهم كاملا أو الذين ليس لهم صلاح فإن دون قد تكون بمعنى أقل أو بمعنى غير * (كنا طرائق قددا) * الطرائق المذاهب والسير وشبهها والقدد المختلفة وهو جمع قدة وهذا بيان للقسمة المذكورة قبل وهو على حذف مضاف أي كنا ذوي طرائق * (وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض) * الظن هنا بمعنى العلم وقال ابن عطية هذا إخبار منهم عن حالهم بعد إيمانهم ويحتمل أن يكونوا اعتقدوا هذا الاعتقاد قبل اسلامهم * (سمعنا الهدى) * يعنون القرآن " فلا
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»