التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٩١
استعجالهم بالعذاب في قولهم * (فأمطر علينا حجارة من السماء) * وشبه ذلك * (أفرأيت إن متعناهم سنين) * المعنى أن مدة إمهالهم لا تغني مع نزول العذاب بعدها وإن طالت مدة سنين لأن كل ما هو آت قريب قال بعضهم سنين يريد به عمر الدنيا * (وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون) * المعنى أن الله لم يهلك قوما إلا بعد أن أقام الحجة عليهم بأن أرسل إليهم رسولا فأنذرهم فكذبوه * (ذكرى) * منصوب على المصدر من معنى الإنذار أو على الحال من الضمير في منذرون أو على المفعول من أجله أو مرفوع على أنه خبر ابتداء مضمر * (وما تنزلت به الشياطين) * الضمير للقرآن وهو رد على من قال إنه كهانة نزلت به الشياطين على محمد * (وما ينبغي لهم وما يستطيعون) * أي ما يمكنهم ذلك ولا يقدرون عليه ولفظ ما ينبغي تارة يستعمل بمعنى لا يمكن وتارة بمعنى لا يليق * (إنهم عن السمع لمعزولون) * تعليل لكون الشياطين لا يستطيعون الكهانة لأنهم منعوا من استراق السمع منذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم وقد كان أمر الكهان كثيرا منتشرا قبل ذلك " وأنذر عشسيرتك الأقربين " عشيرة الرجل هم قرابته الأدنون ولما نزلت هذه الآية أنذر النبي صلى الله عليه وسلم قرابته فقال يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ثم نادى كذلك ابنته فاطمة وعمته صفية قال الزمخشري في معناه قولان أحدهما أنه أمر أن يبدأ بإنذار أقاربه قبل غيرهم من الناس والآخر أنه أمر أن لا يأخذه ما يأخذ القريب من الرأفة بقريبه ولا يخافهم بالإنذار * (واخفض جناحك) * عبارة عن لين الجانب والرفق وعن التواضع * (الذي يراك حين تقوم) * أي حين تقوم في الصلاة ويحتمل أن يريد سائر التصرفات * (وتقلبك في الساجدين) * معطوف على الضمير المفعول في قوله يراك والمعنى أنه يراك حين تقوم وحين تسجد وقيل معناه يرى صلاتك مع المصلين ففي ذلك إشارة إلى الصلاة مع الجماعة وقيل يرى تقلب بصرك في المصلين خلفك لأنه عليه الصللاة والسلام كان يراهم من وراء ظهره * (تنزل على كل أفاك أثيم) * هذا جواب السؤال المتقدم وهو قوله هل أنبئكم على من تنزل الشياطين والأفاك الكذاب والأثيم الفاعل للإثم يعني بذلك الكهان وفي هذا رد على من قال إن الشياطين تنزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالكهانة لأنها لا تنزل إلا على أفاك أثيم وكان صلى الله عليه وسلم على غاية الصدق والبر * (يلقون السمع) * معناه يستمعون والضمير يحتمل أن يكون للشياطين بمعنى أنهم يستمعون إلى الملائكة أو يكون للكهان بمعنى أنهم يستمعون إلى الشياطين وقيل يلقون بمعنى يلقون المسموع
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»