التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٧٦
يمنع التفضيل بين شيئين ليس بينهما اشتراك في المعنى إذا كان الكلام خبرا " وعدا مسؤولا " أي سأله المؤمنين أو الملائكة في قولهم وأدخلهم جنات عدن وقيل معناه وعدا واجب الوقوع لأنه حتمه * (فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء) * القائل لذلك هو الله عز وجل والمخاطب هم المعبودون مع الله على العموم وقيل الأصنام خاصة والأول أرجح لقوله ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون وقوله * (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) * * (أم هم ضلوا السبيل) * أم هنا معادلة لما قبلها والمعنى أن الله يقول يوم القيامة للمعبودين أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا من تلقاء أنفسهم باختيارهم ولم تضلوهم أنتم ولأجل ذلك بين هذا المعنى بقوله هم ليتحقق إسناد الضلال إليهم فإنما سألهم الله هذا السؤال مع علمه بالأمور ليوبخ الكفار الذين عبدوهم * (قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء) * القائلون لهذا هم المعبودون قالوه على وجه التبري ممن عبدهم كقولهم أنت ولينا من دونهم والمراد بذلك توبيخ الكفار يومئذ وإقامة الحجة عليهم * (ولكن متعتهم وآباءهم) * معناه أن إمتاعهم بالنعم في الدنيا كان سبب نسيانهم لذكر الله وعبادته * (قوما بورا) * أي هالكين وهو من البوار وهو الهلاك واختلف هل هو جمع بائر أو مصدر وصف به ولذلك يقع على الواحد والجماعة * (فقد كذبوكم بما تقولون) * هذا خطاب خاطب الله به المشركين يوم القيامة أي قد كذبكم آلهتكم التي عبدتم من دون الله وتبرؤا منكم وقيل هو خطاب للمعبودين أي كذبوكم في هذه المقالة لما عبدوكم في الدنيا وقيل هو خطاب للمسلمين أي قد كذبكم الكفار فيما تقولونه من التوحيد والشريعة وقرئ بما يقولون بالياء من أسفل والباء في قوله بما تقولون على القراءة بالتاء بدل من الضمير في كذبوكم وعلى القراءة بالياء كقولك كتبت بالقلم أو كذبوكم بقولهم " فما يستطيعون صرفا ولا نصرا " قرىء فما تستطيعون بالتاء فوق ويحتمل على هذا أن يكون الخطاب للمشركين أو للمعبودين والصرف على هذين الوجهين صرف العذاب عنهم أو يكون الخطاب للمسلمين والصرف على هذا رد التكذيب وقرئ بالياء وهو مسند إلى المعبودين أو إلى المشركين والصرف صرف العذاب * (ومن يظلم منكم) * خطاب للكفار وقيل للمؤمنين وقيل على العموم * (وما أرسلنا قبلك من المرسلين) * تقديره وما أرسلنا رسلا أو رجالا قبلك وعلى هذا المفعول المحذوف يعود الضمير في قوله إلا أنهم ليأكلون الطعام وهذه الآية رد على الكفار في استبعادهم بعث رسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق * (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة) * هذا خطاب لجميع الناس لاختلاف أحوالهم فالغنى فتنة للفقير
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»