التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٧٥
وقد يجوز حذف الهمزة في مثل هذا وينبغي على قول الحسن أن يوقف على أساطير الأولين * (قل أنزله الذي يعلم السر) * رد على الكفار في قولهم ويعني بالسر ما أسره الكفار من أقوالهم أو يكون ذلك على وجه التنصل والبراءة مما نسبه الكفار إليه من الافتراء أي أن الله يعلم سري فهو العالم بأني ما افتريت عليه بل هو أنزله علي فإن قيل ما مناسبة قوله إنه كان غفورا رحيما لما قبله فالجواب أنه لما ذكر أقوال الكفار أعقبها بذلك لبيان أنه غفور رحيم في كونه لم يعجل عليهم بالعقوبة بل أمهلهم وإن أسلموا تاب عليهم وغفر لهم " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام " الآية قال هذا الكلام قريش طعنا على النبي صلى الله عليه وسلم وقد رد الله عليهم بقوله وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وقولهم هذا الرسول على وجه التهكم كقول فرعون إن رسولكم الذي أرسل إليكم أو يعنون الرسول بزعمه ثم ذكر ما اقترحوا من الأمور في قولهم لولا أنزل إليه ملك وما بعده ثم وصفهم بالظلم وقد ذكرنا معنى مسحورا في سبحان * (ضربوا لك الأمثال) * أي قالوا فيك تلك الأقوال * (فلا يستطيعون سبيلا) * أي لا يقدرون على الوصول إلى الحق لبعدهم عنه وإفراط جهلهم * (خيرا من ذلك) * الإشارة إلى ما ذكره الكفار من الكنز والجنة في الدنيا * (جنات تجري من تحتها الأنهار) * يعني جنات الآخرة وقصورها وقيل يعني جنات وقصورا في الدنيا ولذلك قال إن شاء * (إذا رأتهم) * أي إذا رأتهم جهنم وهذه الرؤية يحتمل أن تكون حقيقة أو مجازا بمعنى صارت منهم بقدر ما يرى على البعد * (سمعوا لها تغيظا وزفيرا) * التغيظ لا يسمع وإنما المسموع وإنما المسموع أصوات دالة عليه ففي لفظه تجوز والزفير أول صوت الحمار * (مكانا ضيقا) * تضيق عليهم زيادة في عذابهم * (مقرنين) * أي مربوط بعضهم إلى بعض وروي أن ذلك بسلاسل من النار * (دعوا هنالك ثبورا) * الثبور الويل وقيل الهلاك ومعنى دعائهم ثبورا أنهم يقولون يا ثبوراه كقول القائل واحسرتاه وا أسفاه * (لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا) * تقديره يقال لهم ذلك أو يكون حالهم يقتضي ذلك وإن لم يكن ثم قول وإنما دعوا ثبورا كثيرا لأن عذابهم دائم فالثبور يتجدد عليهم في كل حين * (قل أذلك خير أم جنة الخلد) * إنما جاز هنا التفضيل بين الجنة والنار لأن الكلام توقيف وتوبيخ وإنما
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»