التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٦٥
ذكر في الآية قبلها ما أباح أن يراه غير ذوي المحرم من الزينة الظاهرة وذكر في هذه ما أباح أن يراه الزوج وذوي المحارم من الزينة الباطنة وبدأ بالبعولة وهم الأزواج لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا ثم ثنى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ولكن مراتبهم تختلف بحسب القرب والمراد بالآباء كل من له ولادة من والد وجد وبالأبناء كل من عليه ولادة من ولد وولد ولد ولم يذكر في هذه الآية من ذوي المحارم العم والخال ومذهب جمهور العلماء جواز رؤيتهما للمرأة لأنهما من ذوي المحارم وكره ذلك قوم وقال الشافعي إنما لم يذكر العم والخال لئلا يصفا زينة المرأة لأولادهما * (أو نسائهن) * يعني جميع المؤمنات فكأنه قال أو صنفهن ويخرج عن ذلك نساء الكفار * (أو ما ملكت أيمانهن) * يدخل في ذلك الإماء المسلمات والكتابيات وأما العبيد ففيهم ثلاثة أقوال منع رؤيتهم لسيدتهم وهو قول الشافعي والجواز وهو قول ابن عباس وعائشة والجواز بشرط أن يكون العبد وغدا وهو مذهب مالك وإنما أخذ جوازه من قوله أو التابعين غير أولي الإربة واختلف هل يجوز أن يراها عبد زوجها وعبد الأجنبي أم لا على قولين * (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) * شرط في رؤية غير ذوي المحارم شرطين أحدهما أن يكونا تابعين ومعناه أن يتبع لشيء يعطاه كالوكيل والمتصرف ولذلك قال بعضهم هو الذي يتبعك وهمته بطنه والآخر أن لا يكون لهم إربة في النساء كالخصي والمخنث والشيخ الهرم والأحمق فلا يجوز رؤيتهم للنساء إلا باجتماع الشرطين وقيل بأحدهما ومعنى الإربة الحاجة إلى الوطء * (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) * أراد بالطفل الجنس ولذلك وصفه بالجمع ويقال طفل ما لم يراهق الحلم ويظهروا معناه يطلعون بالوطء على عورات النساء فمعناه الذين لم يطؤا النساء وقيل الذين لا يدرون ما عورات النساء وهذا أحسن * (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) * روي أن امرأة كان لها خلخالان فكانت تضرب بهما ليسمعهما الرجال فنهى الله عز وجل عن ذلك قال الزجاج إسماع صوت الزينة أشد تحريكا للشهوة من إبدائها * (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون) * التوبة واجبة على كل مؤمن مكلف بدليل الكتاب والسنة وإجماع الأمة وفرائضها ثلاثة الندم على الذنب من حيث عصى به ذو الجلال لا من حيث أضر ببدن أو مال والإقلاع عن الذنب في أول أوقات الإمكان من غير تأخير ولا توان والعزم أن لا يعود إليها أبدا ومهما قضى عليه بالعود أحدث عزما مجددا وآدابها ثلاثة الاعتراف بالذنب مقرونا بالانكسار والإكثار من التضرع والاستغفار والإكثار من الحسنات لمحو ما تقدم من السيئات ومراتبها سبع فتوبة الكفار من الكفر وتوبة المخلطين من الذنوب والكبائر وتوبة العدول من الصغائر وتوبة العابدين من الفترات وتوبة السالكين من علل القلوب والآفات وتوبة أهل الورع من الشبهات وتوبة أهل المشاهدة من الغفلات والبواعث على التوبة سبعة خوف العقاب ورجاء الثواب والخجل
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»