من الحساب ومحبة الحبيب ومراقبة الرقيب القريب وتعظيم بالمقام وشكر الإنعام * (وأنكحوا الأيامى منكم) * الأيامى جمع أيم ومعناه الذين لا أزواج لهم رجالا كانوا أو نساء أبكارا أو ثيبات والخطاب هنا للأولياء والحكام أمرهم الله بتزويج الأيامى فاقتضى ذلك النهي عن عضلهن من التزويج وفي الآية دليل على عدم استقلال النساء بالإنكاح واشتراط الولاية فيه وهو مذهب مالك والشافعي خلافا لأبي حنيفة * (والصالحين من عبادكم وإمائكم) * يعني الذين يصلحون للتزويج من ذكور العبيد وإناثهم وقال الزمخشري الصالحين بمعنى الصلاح في الدين قال وإنما خصهم الله بالذكر ليحفظ عليهم صلاحهم والمخاطبون هنا ساداتهم ومذهب الشافعي أن السيد يجبر على تزويج عبيده على هذه الآية خلافا لمالك ومذهب مالك أن السيد يجبر عبده وأمته على النكاح خلافا للشافعي * (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) * وعد الله بالغنى للفقراء الذين يتزوجون لطلب رضا الله ولذلك قال ابن مسعود التمسوا الغنى في النكاح * (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) * أمر بالاستعفاف وهو الاجتهاد في طلب العفة من الحرام لمن لا يقدر على التزوج فقوله لا يجدون نكاحا معناه لا يجدون استطاعة على التزوج بأي وجه تعذر التزوج وقيل معناه لا يجدون صداقا للنكاح والمعنى الأول أعم والثاني أليق بقوله حتى يغنيهم الله من فضله * (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم) * الكتاب هنا مصدر بمعنى الكتابة وهي مقاطعة العبد على مال منجم فإذا أداه خرج حرا وإن عجز بقي رقيقا وقيل إن الآية نزلت بسبب حويطب بن عبد العزى سأل مولاه أن يكاتبه فأبى عليه وحكمها مع ذلك عام فأمر الله سادات العبيد أن يكاتبوهم إذا طلبوا الكتابة وهذا الأمر على الندب عند مالك والجمهور وقال الظاهرية وغيرهم هو على الوجوب وذلك ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنس بن مالك حين سأله مملوكه سيرين الكتابة فتلكأ أنس فقال له عمر لتكاتبنه أو لأوجعنك بالدرة وإنما حمله مالك على الندب لأن الكتابة كالبيع فكما لا يجبر على البيع لا يجبر عليها واختلف هل يجبر السيد عبده على الكتابة أم لا على قولين في المذهب * (إن علمتم فيهم خيرا) * الخير هنا القوة على أداء الكتابة بأي وجه كان وقيل هو المال الذي يؤدي منه كتابته من غير أن يسأل أموال الناس وقيل هو الصلاح في الدين * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * هذا أمر بإعانة المكاتب على كتابته واختلف فيمن المخاطب بذلك فقيل هو خطاب للناس أجمعين وقيل للولاة والأمر على هذين القولين للندب وقيل هو خطاب لسادات المكاتبين وهو على هذا القول ندب عند مالك ووجوب عند الشافعي فإن كان الأمر للناس فالمعنى أن يعطوهم صدقات من أموالهم وإن كان للولاة فيعطوهم من الزكاة وإن كان للسادات فيحطوا عنهم من كتابتهم وقيل يعطوهم من أموالهم من غير الكتابة وعلى القول بالحط من الكتابة اختلف في مقدار ما يحط فقيل الربع وروي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٦٦)