التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٦٢
في حديث الإفك وإن كانوا لم يصدقوه فإن الواجب كان الإغضاء عن ذكره والترك له بالكلية فعاتبهم على ثلاثة أشياء وهي تلقيه بالألسنة أي السؤال عنه وأخذه من المسؤول والثاني قولهم ذلك والثالث أنهم حسبوه هينا وهو عند الله عظيم وفائدة قوله بألسنتكم وبأفواهكم الإشارة إلى أن ذلك الحديث كان باللسان دون القلب إذ كانوا لم يعلموا حقيقته بقلوبهم * (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا) * أي كان الواجب أن يبادروا إلى إنكار هذا الحديث أول سماعهم له ولولا أيضا في هذه الآية عرض وكان حقها أن يليها الفعل من غير فاصل بينهما ولكنه فصل بينهما بقوله إذ سمعتموه لأن الظروف يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها والقصد بتقديم هذا الظرف الاعتناء به وبيان أنه كان الواجب المبادرة إلى إنكار الكلام في أول وقت سمعتموه ومعنى ما يكون لنا ما ينبغي لنا ولا يحل لنا أن نتكلم بهذا * (سبحانك) * تنزيه لله عن أن تكون زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قال أهل الإفك وقال الزمخشري هو بمعنى التعجب من عظيم الأمر والاستبعاد له والأصل في ذلك أن يسبح الله عند رؤية العجائب * (بهتان عظيم) * البهتان أن يقال في الإنسان ما ليس فيه والغيبة أن يقال ما فيه * (أن تعودوا لمثله) * تقديره يعظكم كراهة أن تعودوا لمثله ثم عظم الأمر وأكده بقوله إن كنتم مؤمنين * (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة) * الإشارة بذلك إلى المنافقين الذين أحبوا أن يشيع حديث الإفك ثم هو عام في غيرهم ممن اتصف بصفتهم والعذاب في الدنيا الحد وأما عذاب الآخرة فقد ورد في الحديث أن من عوقب في الدنيا على ذنب لم يعاقب عليه في الآخرة فأشكل اجتماع الحد مع عذاب الآخرة في هذا الموضع فيحتمل أن يكون القاذف يعذب في الآخرة ولا يسقط الحد عنه عذاب الآخرة بخلاف سائر الحدود أو يكون هذا مختصا بمن قذف عائشة فإنه روى عن ابن عباس أنه قال من أذنب ذنبا ثم تاب منه قبلت توبته إلا من خاض في أمر عائشة أو يكون لمن مات مصرا غير تائب أو يكون للمنافقين * (خطوات الشيطان) * ذكر في البقرة * (الفحشاء والمنكر) * ذكر في النحل * (زكي) * أي تطهر من الذنوب وصلح دينه * (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى) * معنى يأتل يحلف فهو من قولك آليت إذا حلفت وقيل معناه يقصر فهو من قولك
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»