التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٦٧
وقيل الثلث وقال مالك والشافعي لا حد في ذلك بل أقل ما ينطلق عليه اسم شيء إلا أن الشافعي يجبره على ذلك ولا يجبره مالك وزمان الحط عنه في آخر الكتابة عند مالك وقيل في أول نجم * (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) * معنى البغاء الزنا نهى الله المسلمين أن يجبروا مملوكاتهم على ذلك وسبب الآية أن عبد الله ابن أبي ابن سلول المنافق كان له جاريتان فكان يأمرهما بالزنا للكسب منه وللولادة ويضربهما على ذلك فشكتا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية فيه وفيمن فعل مثل فعله * (إن أردن تحصنا) * هذا الشرط راجع إلى إكراه الفتيات على الزنا إذ لا يتصور إكراههن إلا إذا أردن التحصن وهو التعفف وقيل هو راجع إلى قوله وأنكحوا الأيامى وذلك بعيد * (لتبتغوا عرض الحياة الدنيا) * يعني ما تكسبه الأمة بفرجها وما تلده من الزنا ويتعلق لتبتغوا بقوله لا تكرهوا * (ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) * المعنى غفور لهن رحيم بهن لا يؤاخذهن بالزنا لأنهن أكرهن عليه ويحتمل أن يكون المعنى غفور رحيم للسيد الذي يكرههن إذا تاب من ذلك * (آيات مبينات) * بفتح الياء أي بينها الله وبالكسر مبينات للأحكام والحلال والحرام * (ومثلا) * يعني ضرب لكم الأمثال بمن كان قبلكم في تحريم الزنا لأنه كان حراما في كل ملة أو في براءة عائشة كما برأ يوسف ومريم * (الله نور السماوات والأرض) * النور يطلق حقيقة على الضوء الذي يدرك بالأبصار ومجازا على المعاني التي تدرك بالقلوب والله ليس كمثله شيء فتأويل الآية الله ذو نور السماوات والأرض ووصف نفسه بأنه نور كما تقول زيد كرم إذا أردت المبالغة في أنه كريم فإن أراد بالنور المدرك بالأبصار فمعنى نور السماوات والأرض أنه خلق النور الذي فيهما من الشمس والقمر والنجوم أو أنه خلقهما وأخرجهما من العدم إلى الوجود فإنما ظهرت به كما تظهر الأشياء بالضوء ومن هذا المعنى قرأ علي بن أبي طالب الله نور السماوات والأرض بفتح النون والواو والراء وتشديد الواو أي جعل فيهما النور وإن أراد بالنور المدرك بالقلوب فمعنى نور السماوات والأرض جاعل النور في قلوب أهل السماوات والأرض ولهذا قال ابن عباس معناه هادي أهل السماوات والأرض * (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) * المشكاة هي الكوة غير النافذة تكون في الحائط ويكون المصباح فيها شديد الإضاءة وقيل المشكاة العمود الذي يكون المصباح على رأسه والأول أصح وأشهر والمعنى صفة نور الله في وضوحه كصفة مشكاة فيها مصباح على أعظم ما يتصوره البشر من الإضاءة والإنارة وإنما شبه بالمشكاة وإن كان نور الله أعظم لأن ذلك غاية ما يدركه الناس من الأنوار فضرب المثل لهم بما يصلون إلى إدراكه وقيل الضمير في نوره عائد على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقيل على القرآن وقيل على المؤمن وهذه الأقوال ضعيفة لأنه لم يتقدم ما يعود عليه الضمير فإن قيل كيف يصح أن يقال الله نور السماوات والأرض فأخبر أنه هو النور ثم أضاف النور إليه في قوله مثل نوره والمضاف عين المضاف إليه فالجواب أن ذلك يصح مع التأويل الذي قدمناه أي الله ذو نور السماوات والأرض أو كما تقول زيد كرم ثم تقول ينعش الناس بكرمه
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»