كقوله * (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه) * فتكون الأنساب كأنها معدومة * (ولا يتساءلون) * أي لا يسأل بعضهم بعضا لاشتغال كل أحد بنفسه فإن قيل كيف الجمع بين هذا وبين قوله وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون فالجواب أن ترك التساؤل عند النفخة الأولى ثم يتساءلون بعد ذلك فإن يوم القيامة يوم طويل فيه مواقف كثيرة * (تلفح وجوههم النار) * أي تصيبهم بالإحراق * (كالحون) * الكلوح انكشاف الشفتين عن الأسنان وكثيرا ما يجري ذلك للكلاب وقد يجري للكباش إذا شويت رؤسها وفي الحديث إن شفة الكافر ترتفع في النار حتى تبلغ وسط رأسه وفي ذلك عذاب وتشويه * (غلبت علينا شقوتنا) * أي ما قدر عليهم من الشقاء وقرئ شقاوتنا والمعنى واحد " قال اخسؤا " كلمة تستعمل في زجر الكلاب ففيها إهانة وإبعاد * (ولا تكلمون) * أي لا تكلمون في رفع العذاب فحينئذ يياسون من ذلك أعاذنا الله من ذلك برحمته * (سخريا) * بضم السين من السخرة بمعنى التخديم وبالكسر من السخر بمعنى الاستهزاء وقد يقال هذا بالضم وقرئ هنا بالوجهين لاحتمال المعنيين على أن معنى الاستهزاء هنا أليق لقوله * (وكنتم منهم تضحكون) * * (كم لبثتم في الأرض) * يعني في جوف الأرض أمواتا وقيل أحياء في الدنيا فأجابوا بأنهم لبثوا يوما أو بعض يوم لاستقصارهم المدة أو لما هم فيه من العذاب بحيث لا يعدون شيئا * (فاسأل العادين) * أي اسئل من يقدر على أن يعد وهو من عوفي مما ابتلوا به أو يعنون الملائكة * (إن لبثتم إلا قليلا) * معناه أنه قليل بالنسبة إلى بقائهم في جهنم خالدين أبدا * (عبثا) * أي باطلا والمعنى إقامة حجة على الحشر للثواب والعقاب * (لا برهان له به) * أي لا حجة ولا دليل والجملة صفة لقوله إلها آخر وجواب الشرط * (فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) * الضمير للأمر والشأن وانظر كيف افتتح السورة بفلاح المؤمنين وختمها بعدم فلاح الكافرين ليبين البون بين الفريقين والله أعلم
(٥٧)