وقد روت عائشة هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنها قرأت يؤتون ما أتوا بالقصر فيحتمل أن يكون الحديث تفسيرا لهذه القراءة وقيل إنه عام في الحسنات والسيئات أي يفعلونها وهم خائفون من الرجوع إلى الله * (أنهم إلى ربهم راجعون) * أن في موضع المفعول من أجله أو في موضع المفعول بوجلت إذ هي في معنى خائفة * (أولئك يسارعون في الخيرات) * فيه معنيان أحدهما أنهم يبادرون إلى فعل الطاعات والآخرأنهم يتعجلون ثواب الخيرات وهذا مطابق للآية المتقدمة لأنه أثبت فيهم ما نفي عن الكفار من المسارعة * (وهم لها سابقون) * فيه المعنيان المذكوران في يسارعون للخيرات وقيل معناه سبقت لهم السعادة في الأزل * (لا نكلف نفسا إلا وسعها) * يعني أن هذا الذي وصف به الصالحون غير خارج عن الوسع والطاقة وقد تقدم الكلام على تكليف ما لا يطاق في البقرة * (ولدينا كتاب) * يعني صحائف الأعمال ففي الكلام تهديد وتأمين من الظلم والحيف * (في غمرة من هذا) * أي في غفلة من الدين بجملته ومن القرآن وقيل من الكتاب المذكور وقيل من الأعمال التي وصف بها المؤمنون * (ولهم أعمال من دون ذلك) * أي لهم أعمال سيئة دون الغمرة التي هم فيها فالمعنى أنهم يجمعون بين الكفر وسوء الأعمال والإشارة بذلك على هذا إلى الغمرة وإنما أشار إليها بالتأكيد لأنها في معنى الكفر وقيل الإشارة إلى قوله من هذا أي لهم أعمال سيئة غير المشار إليه حسبما اختلف فيه * (هم لها عاملون) * قيل هي إخبار عن أعمالهم في الحال وقيل عن الاستقبال وقيل المعنى أنهم يتمادون على عملها حتى يأخذهم الله فجعل * (حتى إذا أخذنا مترفيهم) * غاية لقوله عاملون * (مترفيهم) * أي أغنياؤهم وكبراؤهم * (إذا هم يجأرون) * أي يستغيثون ويصيحون فإن أراد بالعذاب قتل المترفين يوم بدر فالضمير في يجأرون لسائر قريش أي صاحوا وناحوا على القتلى وإن أراد بالعذاب شدائد الدنيا أو عذاب الآخرة فالضمير لجميعهم * (لا تجأروا اليوم) * تقديره يقال لهم يوم العذاب لا تجأروا ويحتمل أن يكون هذا القول حقيقة وأن يكون بلسان الحال ولفظه نهي ومعناه أن الجؤار لا ينفعهم * (على أعقابكم تنكصون) * أي ترجعون إلى وراء وذلك عبارة عن إعراضهم عن الآيات وهي القرآن * (مستكبرين به) * قيل إن الضمير عائد على المسجد الحرام وقيل إنه على الحرم وإن لم يذكر ولكنه يفهم من سياق الكلام والمعنى أنهم يستكبرون بسبب المسجد الحرام لأنهم أهله وولاته وقيل إنه عائد على القرآن من حيث ذكرت الآيات والمعنى على هذا أن القرآن يحدث لهم عتوا وتكبرا وقيل إنه يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على هذا متعلق بسامرا * (سامرا) * مشتق من السمر وهو الجلوس بالليل للحديث وكانت قريش تجتمع بالليل في المسجد فيتحدثون وكان أكثر حديثهم سب النبي صلى الله عليه وسلم وسامرا مفرد بمعنى الجمع وهو منصوب
(٥٣)