يائسون من الخير وإنما يقع لهم اليأس في الآخرة كقوله ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون * (فما استكانوا) * أي ما تذللوا لله عز وجل وقد تقدم الكلام على هذه الكلمة في آخر آل عمران * (وما يتضرعون) * إن قيل هلا قال فما استكانوا وما تضرعوا أو فما يستكينون وما يتضرعون باتفاق الفعلين في الماضي أو في الاستقبال فالجواب أن ما استكانوا عند العذاب الذي أصابهم وما يتضرعون حتى يفتح عليهم باب عذاب شديد فنفى الاستكانة فيما مضى ونفى التضرع في الحال والاستقبال * (قليلا ما تشكرون) * ما زائدة وقليلا صفة لمصدر محذوف تقديره شكرا قليلا تشكرون وذكر السمع والبصر والأفئدة وهي القلوب لعظم المنافع التي فيها فيجب شكر خالقها ومن شكره توحيده واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ففي ذكرها تعديد نعمة وإقامة حجة * (ذرأكم في الأرض) * أي نشركم فيها * (وله اختلاف الليل والنهار) * أي هو فاعله ومختص به فاللام على هذا للاختصاص وقد ذكر في البقرة معنى اختلاف الليل والنهار * (بل قالوا مثل ما قال الأولون) * أي قالت قريش مثل قول الأمم المتقدمة ثم فسر قولهم بإنكارهم البعث وإليه الإشارة بقولهم لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا وقد ذكر الاستفهامان في الرعد وأساطير الأولين في الأنعام * (قل لمن الأرض ومن فيها) * هذه الآيات توقيف لهم على أمور لا يمكنهم الإقرار بها وإذا أقروا بها لزمهم توحيد خالقها والإيمان بالدار الآخرة * (سيقولون لله) * قرئ في الأول لله باللام بإجماع جوابا لقوله لمن الأرض وكذلك قرأ الجمهور الثاني والثالث وذلك على المعنى لأن قوله من رب السماوات في معنى لمن هي وقرأ أبو عمرو الثاني والثالث بالرفع على اللفظ * (ملكوت) * مصدر وفي بنائه مبالغة * (يجير ولا يجار عليه) * الإجارة المنع من الإهانة يقال أجرت فلانا على فلان إذا منعته من مضرته وإهانته فالمعنى أن الله تعالى يغيث من شاء ممن شاء ولا يغيث أحد منه أحدا * (فأنى تسحرون) * أي تخدعون عن الحق والخادع لهم الشيطان وذلك تشبيه بالسحر في التخليط والوقوع في الباطل ورتب هذه التوبيخات الثلاثة بالتدريج فقال أولا أفلا تذكرون ثم قال ثانيا أفلا تتقون وذلك أبلغ لأن فيه زيادة تخويف ثم قال ثالثا فأنى تسحرون وفيه ما التوبيخ من ليس في غيره * (وإنهم لكاذبون) * يعني فيما ينسبون لله من الشركاء والأولاد ولذلك رد عليهم بنفي ذلك * (إذا لذهب كل إله بما خلق) * هذا برهان على
(٥٥)