التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٨٠
إلا اختلاق) هذا أيضا مما حكي من كلامهم والإشارة إلى التوحيد والإسلام ومعنى الاختلاف الكذب * (أنزل عليه الذكر من بيننا) * الهمزة للإنكار والمعنى أنهم أنكروا أن يخص الله محمدا صلى الله عليه وسلم بإنزال القرآن عليه دونهم * (بل هم في شك من ذكري) * هذا رد عليهم والمعنى أنهم ليست لهم حجة ولا برهان بل هم في شك من معرفة الله وتوحيده فلذلك كفروا ويحتمل أن يريد بالذكر القرآن * (بل لما يذوقوا عذاب) * هذا وعيد لهم وتهديد والمعنى أنهم إنما حملهم على الكفر كونهم لم يذوقوا العذاب فإذا ذاقوه زال عنهم الشك وأذعنوا للحق * (أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب) * هذا رد عليهم فيما أنكروا من اختصاص محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة والمعنى أنهم ليس عندهم خزائن رحمة الله حتى يعطوا النبوة من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا بل يعطيها الله لمن يشاء ثم وصف نفسه بالعزيز الوهاب لأن العزيز يفعل ما يشاء والوهاب ينعم على من يشاء فلا حجة لهم فيما أنكروا * (أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما) * هذا أيضا رد عليهم والمعنى أم لهم الملك فيتصرفون فيه كيف شاؤوا بل مالك الملك يفعل في ملكه ما يشاء وأم الأولى منقطعة بمعنى بل وهمزة الإنكار وأما أم الثانية فيحتمل أن تكون كذلك أو تكون عاطفة معادلة لما قبلها * (فليرتقوا في الأسباب) * هذا تعجيز لهم وتهكم بهم ومعنى يرتقوا يصعدوا والأسباب هنا السلالم والطرق وشبه ذلك مما يوصل به إلى العلو وقيل هي أبواب السماء والمعنى إن كان لهم ملك السماوات والأرض فليصعدوا إلى العرش ويدبروا الملك * (جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب) * هذا وعيد بهزيمتهم في القتال وقد هزموا يوم بدر وغيره وما هنالك صفة لجند وفيها معنى التحقير لهم والإشارة بهنالك إلى حيث وصفوا أنفسهم من الكفر والاستهزاء وقيل الإشارة إلى الارتقاء في الأسباب وهذا بعيد وقيل الإشارة إلى موضع بدر ومن الأحزاب معناه من جملة الأحزاب الذين تعصبوا للباطل فهلكوا * (وفرعون ذي الأوتاد) * قال ابن عباس كانت له أوتاد وخشب يلعب بها وعليها وقيل كانت له أوتاد يسمرها في الناس لقتلهم وقيل أراد المباني العظام الثابتة ورجحه ابن عطية وقال الزمخشري إن ذلك استعارة في ثبات الملك كقول القائل في ظل ملك ثابت الأوتاد * (وأصحاب الأيكة) * قد ذكر * (وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة) * ينظر هنا بمعنى ينتظر وهؤلاء يعني قريشا والصيحة الواحدة النفخة في الصور وهي نفخة الصعق وقيل الصيحة عبارة عما أصابهم من قتل أو شدة والأول أظهر وقد روي تفسيرها بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم " مالها من فواق " فيه ثلاثة أقوال الأول ما لها رجوع أي لا يرجعون بعدها إلى الدنيا وهو على هذا مشتق من الإفاقة الثاني ما لها من ترداد أي إنما هي واحدة لا ثانية لها الثالث ما لها من تأخير ولا توقف مقدار فواق ناقة وهي ما بين حلبتي اللبن وهذا القول الثالث إنما يجري على قراءة فواق بالضم لأن فواق الناقة
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»