التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
الحميد ليدل على جوده وكرمه الذي يوجب أن يحمده عباده " وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء " الحمل عبارة عن الذنوب والمثقلة الثقيلة الحمل أو النفس الكثيرة الذنوب والمعنى أنها لو دعت أحدا إلى أن يحمل عنها ذنوبها لم يحمل عنها وحذف مفعول إن تدع لدلالة المعنى وقصد العموم وهذه الآية بيان وتكميل لمعنى قوله ولا تزر وازرة وزر أخرى * (ولو كان ذا قربى) * المعنى ولو كان المدعو ذا قربى ممن دعاه إلى حمل ذنوبه لم يحمل منه شيئا لأن كل واحد يقول نفسي نفسي * (إنما تنذر الذين يخشون ربهم) * المعنى أن الإنذار لا ينفع إلا الذين يخشون ربهم وليس المعنى اختصاصهم بالإنذار * (بالغيب) * في موضع حال من الفاعل في يخشون أي يخشون ربهم وهم غائبون عن الناس فخشيتهم حق لا رياء * (وما يستوي الأعمى والبصير) * تمثيل للكافر والمؤمن * (ولا الظلمات ولا النور) * تمثيل للكفر والإيمان * (ولا الظل ولا الحرور) * تمثيل للثواب والعقاب وقيل الظل الجنة والحرور النار والحرور في اللغة شدة الحر بالنهار والليل والسموم بالنهار خاصة * (وما يستوي الأحياء ولا الأموات) * تمثيل لمن آمن فهو كالحي ومن لم يؤمن فهو كالميت * (إن الله يسمع من يشاء) * عبارة عن هداية الله لمن يشاء * (وما أنت بمسمع من في القبور) * عبارة عن عدم سماع الكفار للبراهين والمواعظ فشبههم بالموتى في عدم إحساسهم وقيل المعنى أن أهل القبور وهم الموتى حقيقة لا يسمعون فليس عليك أن تسمعهم وإنما بعثت للأحياء وقد استدلت عائشة بالآية على أن الموتى لا يسمعون وأنكرت ما ورد في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لقتلى بدر حين جعلوا في القليب ولكن يمكن الجمع بين قولها وبين الحديث بأن الموتى في القبور إذا ردت إليهم أرواحهم إلى أجسادهم سمعوا وإن لم ترد لم يسمعوا * (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) * معناه أن الله قد بعث إلى كل أمة نبيا يقيم عليهم الحجة فإن قيل كيف ذلك وقد كان بين الأنبياء فترات وأزمنة طويلة ألا ترى أن بين عيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة لم يبعث فيها نبي فالجواب أن دعوة عيسى ومن تقدمه من الأنبياء كانت قد بلغتهم فقامت عليهم الحجة فإن قيل كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك فالجواب أنهم لم يأتهم نذير معاصر لهم فلا يعارض ذلك من تقدم قبل عصرهم وأيضا فإن المراد بقوله وإن من أمة إلا خلا فيها نذير أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ليست ببدع فلا ينبغي أن تنكر لأن الله أرسله كما أرسل من قبله والمراد بقوله لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك أنهم محتاجون إلى الإنذار لكونهم لم يتقدم من ينذرهم فاختلف سياق الكلام فلا تعارض بينهما * (وإن يكذبوك) * الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم للتأسي * (نكير) * ذكر في سبأ * (ثمرات مختلفا ألوانها) * يريد الصفرة
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»