التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ٦
يستمع إليك) الضمير عائد على الكفار وأفرد يستمع وهو فعل جماعة حملا على لفظ من * (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه) * أكنة جمع كنان وهو الغطاء وأن يفقهوه في موضع مفعول من أجله تقديره كراهة أن يفقهوه ومعنى الآية أن الله حال بينهم وبين فهم القرآن إذا استمعوه وعبر بالأكنة والوقر مبالغة وهي استعارة * (أساطير الأولين) * أي قصصهم وأخبارهم وهو جمع أسطار وأسطورة قال السهيلي حيث ما ورد في القرآن أساطير الأولين فإن قائلها هو النضر بن الحارث وكان قد دخل بلد فارس وتعلم أخبار ملوكهم فكان يقول حديثي أحسن من حديث محمد * (وهم ينهون عنه وينأون عنه) * هم عائد على الكفار والضمير في عنه عائد على القرآن والمعنى وهم ينهون الناس عن الإيمان وينأون هم عنه أن يبعدون والنأي هو البعد وقيل الضمير في عنه يعود على النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى ينهون عنه ينهون الناس عن إذايته وهم مع ذلك يبعدون عنه والمراد بالآية على هذا أبو طالب ومن كان معه يحمي النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسلم وفي قوله ينهون وينأون ضرب من ضروب التجنيس * (ولو ترى إذ وقفوا على النار) * جواب لو محذوف هنا وفي قوله ولو ترى إذ وقفوا على ربهم وإنما حذف ليكون أبلغ ما يقدره السامع أي لو ترى لرأيت أمرا شنيعا هائلا ومعنى وقفوا حبسوا قاله ابن عطية ويحتمل أن يريد بذلك إذا دخلوا النار وإذا عاينوها وأشرفوا عليها ووضع إذ موضع إذا لتحقيق وقوع الفعل حتى به ماض * (يا ليتنا نرد ولا نكذب) * قرئ برفع نكذب ونكون على الاستئناف والقطع على التمني ومثله سيبويه بقولك دعني ولا أعود أي وأنا لا أعود ويحتمل أن يكون حالا تقديره نرد غير مكذبين أو عطف على نرد وقرئ بالنصب بإضمار أن بعد الواو في جواب التمني * (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) * المعنى ظهر لهم يوم القيامة في صحائفهم ما كانوا يخفون في الدنيا من عيوبهم وقبائحهم وقيل هي في أهل الكتاب أي بدا لهم ما كانوا يخفون من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وقيل هي في المنافقين أي بدا لهم ما كانوا يخفون من الكفر وهذان القولان بعيدان فإن الكلام أوله ليس في حق المنافقين ولا أهل الكتاب وقيل إن الكفار كانوا إذا وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم خافوا وأخفوا ذلك الخوف لئلا يشعر بها أتباعهم فظهر لهم ذلك يوم القيامة * (ولو ردوا لعادوا) * إخبار بأمر لا يكون لو كان كيف كان يكون وذلك مما انفرد الله بعلمه * (وإنهم لكاذبون) * يعني في قولهم ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ولا يصح أن يرجع إلى قولهم يا ليتنا نرد لأن التمني لا يحتمل الصدق ولا الكذب * (وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا) * حكاية عن قولهم في إنكار البعث الأخروي " قال أليس
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»