سورة الأنعام قال كعب أول الأنعام هو أول التوراة * (وجعل الظلمات والنور) * جعل هنا بمعنى خلق والظلمات الليل والنور النهار والضوء الذي في الشمس والقمر وغيرهما وإنما أفرد النور لأنه أراد الجنس وفي الآية رد على المجوس في عبادتهم للنار وغيرها من الأنوار وقولهم إن الخير من النور والشر من الظلمة فإن المخلوق لا يكون إلها ولا فاعلا لشيء من الحوادث * (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) * أي يسوون ويمثلون من قولك عدلت فلانا بفلان إذا جعلته نظيره وقرينه ودخلت ثم لتدل على استبعاد أن يعدلوا بربهم بعد وضوح آياته في خلق السماوات والأرض والظلمات والنور وكذلك قوله ثم أنتم تمترون استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه أحياهم وأماتهم وفي ضمن ذلك تعجيب من فعلهم وتوبيخ لهم والذين كفروا هنا عام في كل مشرك وقد يختص بالمجوس بدليل الظلمات والنور وبعبدة الأصنام لأنهم المجاورون للنبي صلى الله عليه وسلم وعليهم يقع الرد في أكثر القرآن * (خلقكم من طين) * أي خلق أباكم آدم من طين * (ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده) * الأجل الأول الموت والثاني يوم القيامة وجعله عنده لأنه استأثر بعلمه وقيل الأول النوم والثاني الموت ودخلت ثم هنا لترتيب الأخبار لا لترتيب الوقوع لأن القضاء متقدم على الخلق * (وهو الله في السماوات وفي الأرض) * يتعلق في السماوات بمعنى اسم الله فالمعنى كقوله وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله كما يقال أمير المؤمنين الخليفة في المشرق والمغرب ويحتمل أن يكون المجرور في موضع الخبر فيتعلق باسم فاعل محذوف والمعنى على هذا قريب من الأول وقيل المعنى أنه في السماوات والأرض بعلمه كقوله وهو معكم أينما كنتم والأول أرجح وأفصح لأن اسم الله جامع للصفات كلها من العلم والقدرة والحكمة وغير ذلك فقد جمعها مع الإيجاز ويترجح الثاني بأن سياق الكلام في اطلاع الله تعالى وعلمه لقوله بعدها يعلم سركم وجهركم وقيل يتعلق بمحذوف تقديره المعبود في السماوات وفي الأرض وهذا المحذوف صفة لله واسم الله على هذا القول وعلى الأول هو خبر المبتدأ وأما إذا كان المجرور الخبر فاسم الله بدل من الضمير " وما تأتيهم من
(٢)