التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٤٦
* (وإياي) * مفعول بفعل مضمر مؤخر لانفصال الضمير وليفيد الحصر يفسره فارهبون ولا يصح أن يعمل فيه فارهبون لأنه قد أخذ معموله وكذلك إياي فاتقون * (بما أنزلت) * يعني القرآن * (مصدقا لما معكم) * أي مصدقا للتوراة وتصديق القرآن للتوراة وغيرها وتصديق محمد صلى الله عليه وسلم للأنبياء والمتقدمين له ثلاث معان أحدها أنهم أخبروا به ثم ظهر كما قالوا فتبين صدقهم في الإخبار به والآخر أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنهم أنبياء وأنزل عليهم الكتب فهو مصدق لهم أي شاهد بصدقهم والثالث أنه وافقهم فيما في كتبهم من التوحيد وذكر الدار الآخرة وغير ذلك من عقائد الشرائع فهو مصدق لهم لاتفاقهم في الإيمان بذلك * (ولا تكونوا أول كافر به) * الضمير عائد على القرآن وهذا نهي عن المسابقة إلى الكفر به ولا يقتضي إباحة الكفر في ثاني حال لأن هذا مفهوم معطل بل يقتضي الأمر بمبادرتهم إلى الإيمان به لما يجدون من ذكره ولما يعرفون من علامته ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا الاشتراء هنا استعارة في الاستبدال كقوله اشتروا الضلالة بالهدى والآيات هنا هي الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والثمن القليل ما ينتفعون به في الدنيا من بقاء رياستهم وأخذ الرشا على تغيير أمر محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك وقيل كانوا يعلمون دينهم بالأجرة فنهوا عن ذلك واحتج الحنفية بهذه الآية على منع الإجارة على تعليم القرآن * (الحق بالباطل) * الحق هنا يراد به نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والباطل الكفر به وقيل الحق التوراة والباطل ما زادوا فيها * (وتكتمون) * معطوف على النهي أو منصوب بإضمار أن في جواب النهي والواو بمعنى الجمع والأول أرجح لأن العطف يقتضي النهي عن كل واحد من الفعلين بخلاف النصب بالواو فإنه إنما يقتضي النهي عن الجمع بين الشيئين لا النهي عن كل واحد على انفراده * (وأنتم تعلمون) * أي تعلمون أنه حق " الصلاة وآتو الزكاة " يراد بها صلاة المسلمين وزكاتهم فهو يقتضي الأمر بالدخول في الإسلام * (واركعوا) * خصص الركوع بعد ذكر الصلاة لأن صلاة اليهود بلا ركوع فكأنه أمر بصلاة المسلمين التي فيها الركوع وقيل اركعوا للخضوع والانقياد * (مع الراكعين) * مع المسلمين فيقتضي ذلك الأمر بالدخول في دينهم وقيل الأمر بالصلاة مع الجماعة * (أتأمرون) * تقريع وتوبيخ لليهود * (بالبر) * عام في أنواعه فوبخهم على أمر الناس وتركهم له وقيل كان الأحبار يأمرون من نصحوه في السر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ولا يتبعونه وقال ابن عباس بل كانوا يأمرون باتباع التوراة ويخالفون في جحدهم منها صفة محمد صلى الله عليه وسلم * (تنسون) * أي تتركون وهذا تقريع * (تتلون الكتاب) * حجة عليهم * (أفلا تعقلون) * توبيخ * (واستعينوا بالصبر والصلاة) * قيل معناه استعينوا بها على مصائب الدنيا وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ونعى إلى ابن عباس أخوه فقام إلى الصلاة فصلى
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»