التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٤٣
الله بضرب المثل من الهدى والضلال * (عهد الله) * مطلق في العهود وكذلك ما بعده من القطع والفساد ويحتمل أن يشار بنقض عهد الله إلى اليهود لأنهم نقضوا العهد الذي أخذ الله عليهم في الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ويشار بقطع ما أمر الله به أن يوصل إلى قريش لأنهم قطعوا الأرحام التي بينهم وبين المؤمنين ويشار بالفساد في الأرض إلى المنافقين لأن الفساد من أفعالهم حسبما تقدم في وصفهم * (ميثاقه) * الضمير للعهد أو لله تعالى * (كيف تكفرون) * موضعها الاستفهام ومعناها هنا الإنكار والتوبيخ * (وكنتم أمواتا) * أي معدومين أي في أصلاب الآباء أو نطفا في الأرحام * (فأحياكم) * أي أخرجكم إلى الدنيا * (ثم يميتكم) * الموت المعروف * (ثم يحييكم) * بالبعث * (ثم إليه ترجعون) * للجزاء وقيل الحياة الأولى حين أخرجهم من صلب آدم لأخذ العهد وقيل في الحياة الثانية إنها في القبور والراجح القول الأول لتعيينه في قوله * (وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) * فوائد ثلاثة الأولى هذه الآية في معرض الرد على الكفار وإقامة البرهان على بطلان قولهم فإن قيل إنما يصح الاحتجاج عليهم بما يعترفون به فكيف يحتج عليهم بالبعث وهم منكرون له فالجواب أنهم ألزموا من ثبوت ما اعترفوا به من الحياة والموت ثبوت البعث لأن القدرة صالحة لذلك كله الثانية قوله وكنتم أمواتا في موضع الحال فإن قيل كيف جاز ترك قد وهى لازمة مع الفعل الماضي إذا كان في موضع الحال فالجواب أنه قد جاء بعد الماضي مستقبل والمراد مجموع الكلام كأنه يقول وحالهم هذه فلذلك لم تلزم قد الثالثة عطف فأحياكم بالفاء لأن الحياة أثر العدم ولا تراخي بينهما وعطف ثم يميتكم وثم يحييكم بثم للتراخي الذي بينهما * (خلق لكم ما في الأرض) * دليل على إباحة الانتفاع بما في الأرض * (ثم استوى) * أي قصد لها والسماء هنا جنس ولأجل ذلك أعاد عليها بعد ضمير الجماعة * (فسواهن) * أي أتقن خلقهن كقوله فسواك فعدلك وقيل جعلهن سواء فائدة هذه الآية تقتضي أنه خلق السماء بعد الأرض وقوله و * (الأرض بعد ذلك دحاها) * ظاهره خلاف ذلك والجواب من وجهين أحدهما أن الأرض خلقت قبل السماء ودحيت بعد ذلك فلا تعارض والآخر تكون ثم لترتيب الأخبار * (الملائكة) * جمع ملك واختلف في وزنه فقيل فعل فالميم أصلية ووزن ملائكة على هذا مفاعلة وقيل هي من الألوكة وهي الرسالة فوزنه مفعل ووزنه مألك ثم حذفت الهمزة ووزن ملائكة على هذا مفاعلة ثم قلبت وأخرت الهمزة فصار مفاعلة وذلك بعيد * (خليفة) * هو آدم عليه السلام لأن الله استخلفه في الأرض وقيل ذريته لأن بعضهم يخلف بعضا والأول أرجح ولو أراد الثاني لقال خلفاء * (أتجعل فيها) * الآية سؤال محض لأنهم استبعدوا أن يستخلف الله من يعصيه وليس فيه اعتراض لأن الملائكة منزهون عنه وإنما علموا أن بني آدم يفسدون بإعلام الله إياهم بذلك وقيل
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»