التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٥٠
وشهروه قبل أن يعلموا صحته وكان في إذاعتهم له مفسدة على المسلمين مع ما في ذلك من العجلة وقلة التثبت فأنكر الله ذلك عليهم * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * أي لو ترك هؤلاء القوم الكلام بذلك الأمر الذي بلغهم وردوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أولي الأمر وهم كبراء الصحابة وأهل البصائر منهم لعلمه القوم الذين يستنبطونه أي يستخرجونه من الرسول وأولي الأمر فالذين يستنبطونه على هذا طائفة من المسلمين يسألون عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر وحرف الجر في قوله يستبطونه منهم لابتداء الغاية وهو يتعلق بالفعل والضمير المجرور يعود على الرسول وأولي الأمر وقيل الذين يستنبطونه هو أولو الأمر كما جاء في الحديث عن عمر رضي الله عنه أنه سمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه فدخل عليه فقال أطلقت نساءك فقال لا فقام على باب المسجد فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلق نساءه فأنزل الله هذه القصة قال وأنا الذي استنبطته فعلى هذا يستنبطونه هم أولو الأمر والضمير المجرور يعود عليهم ومنهم لبيان الجنس واستنباطه على هذا هو سؤالهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم أو بالنظر والبحث واستنباطه على التأويل الأول وهو سؤال الذين أذاعوه للرسول عليه الصلاة والسلام ولأولي الأمر * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته) * أي هداه وتوفيقه أو بعثه للرسل وإنزاله للكتب والخطاب في هذه الآية للمؤمنين * (إلا قليلا) * أي إلا اتباعا قليلا فالاستثناء من المصدر والمعنى لولا فضل الله ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا في أمور قليلة كنتم لا تتبعونه فيها وقيل إنه استثناء من الفاعل في اتبعتم أي إلا قليلا منكم وهو الذي يقتضيه اللفظ وهم الذين كانوا قبل الإسلام غير متبعين للشيطان كورقة بن نوفل والفضل والرحمة على بعث الرسول وإنزال الكتاب وقيل إن الاستثناء من قوله أذاعوا به * (لا تكلف إلا نفسك) * لما تثاقل بعض الناس عن القتال قيل هذا للنبي صلى الله عليه وسلم أي إن أفردوك فقاتل وحدك فإنما عليك ذلك * (وحرض المؤمنين) * أي ليس عليك في شأن المؤمنين إلا التحريض * (عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) * قيل عسى من الله واجبة والذين كفروا هنا قريش وقد كفهم الله بهزيمتهم في بدر وغيرها وبفتح مكة * (وأشد تنكيلا) * أي عقابا وعذابا * (شفاعة حسنة) * هي الشفاعة في مسلم لتفرج عنه كربة أو تدفع مظلمة أو يجلب إليه خيرا والشفاعة السيئة بخلاف ذلك وقيل الشفاعة الحسنة هي الطاعة والشفاعة السيئة هي المعصية والأول أظهر والكفل هو النصيب * (مقيتا) * قيل قديرا وقيل حفيظا وقيل الذي يقيت الحيوان أي يرزقهم القوت * (فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * معنى ذلك الأمر برد السلام والتخيير بين أن يرد بمثل ما سلم عليه أو بأحسن منه والأحسن أفضل مثل أن يقال له
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»