التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٣٥
ما آتاها الرجل الذي مات وقال ابن عباس هي في الأزواج الذين يمسكون المرأة ويسيئون عشرتها حتى تفتدي بصداقها وهو ظاهر اللفظ في قوله ما آتيتموهن ويقويه قوله وعاشروهن بالمعروف فإن الأظهر فيه أن يكون في الأزواج وقد يكون في غيرهم وقيل هي للأولياء * (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * قيل الفاحشة هنا الزنا وقيل نشوز المرأة وبغضها في زوجها فإذا نشزت جاز له أن يأخذ ما آتاها من صداق أو غير ذلك من مالها وهذا جائز على مذهب مالك في الخلع إذا كان الضرر من المرأة والزنا أصعب على الزوج من النشوز فيجوز له أخذ الفدية * (فإن كرهتموهن) * الآية معناها إن كرهتم النساء لوجه فاصبروا عليه فعسى أن يجعل الله الخير في وجه آخر وقيل الخير الكثير الولد والأحسن العموم وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم لا يترك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي آخر * (وإن أردتم استبدال زوج) * الآية معناها المنع من أن يأخذ الرجل من المرأة فدية على الطلاق إن أراد أن يبدلها بأخرى وعلى هذا جرى مذهب مالك وغيره في المنع من الفدية إذا كان الضرر وأرادت الفراق من الزوج فقال قوم إن هذه الآية منسوخة بقوله في البقرة فلا جناح عليهما فيما افتدت به وقال قوم هي ناسخة والصحيح أنها غير ناسخة ولا منسوخة فإن جواز الفدية على وجه ومنعها على وجه فلا تعارض ولا نسخ * (قنطارا) * مثال على جهة المبالغة في الكثرة وقد استدلت به المرأة على جواز المغالاة في المهور حين نهى عمر بن الخطاب عن ذلك فقال عمر رضي الله عنه امرأة أصابت ورجل أخطأ كل الناس أفقه منك يا عمر * (أفضى بعضكم إلى بعض) * كناية عن الجماع * (ميثاقا غليظا) * قيل عقدة النكاح) وقيل قوله فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقيل الأمر بحسن العشرة * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * كان بعض العرب يتزوج امرأة أبيه بعده فنزلت الآية تحريما لذلك فكل امرأة تزوجها رجل حرمت على أولاده ما سفلوا سواء دخل بها أو لم يدخل فالنكاح في الآية بمعنى العقد وما نكح يعني النساء وإنما أطلق عليهن ما وإن كن ممن يعقل لأن المراد الجنس فإن زنى رجل بامرأة فاختلف هل يحرم تزوجها على أولاده أم لا فحرمه أبو حنيفة وأجازه الشافعي وفي المذهب قولان واحتج من حرمه بهذه الآية وحمل النكاح فيها على الوطء وقال من أجازه إن الآية لا تتناوله إذ النكاح فيها بمعنى العقد * (إلا ما قد سلف) * أي إلا ما فعلتم في الجاهلية من ذلك وانقطع بالإسلام فقد عفى عنه فلا تؤاخذون به ويدل على هذا قوله إن الله كان غفورا رحيما بعد قوله إلا ما قد سلف في المرأة الأخرى في الجمع بين الأختين قال ابن عباس كانت العرب تحرم كل ما حرمته الشريعة إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين وقيل المعنى إلا ما قد سلف فأنكحوه إن أمكنكم وذلك غير ممكن فالمعنى المبالغة في التحريم * (إنه كان فاحشة ومقتا) * كان في هذه الآية تقتضي الدوام كقوله إن الله كان غفورا رحيما وشبه ذلك وقال
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»