التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٣٤
وأما الكافر أو الكافرة فاختلف هل يحد أو يعاقب * (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) * قيل إنما جعل شهداء الزنا أربعة تغليظا على المدعي وسترا على العباد وقيل ليكون شاهدان على كل واحد من الزانيين * (فأمسكوهن في البيوت) * كانت عقوبة الزنا الإمساك في البيوت ثم نسخ ذلك بالأذى المذكور بعد هذا وهو السب والتوبيخ وقيل الإمساك للنساء والأذى للرجال فلا نسخ بينهما ورجحه ابن عطية بقوله في الإمساك من نسائكم وفي الأذى منكم ثم سنخ الإمساك والأذى بالرجم للمحصن وبالجلد لغير المحصن واستقر الأمر على ذلك وأما الجلد فمذكور في سورة النور وأما الرجم فقد كان في القرآن ثم نسخ لفظه وبقي حكمه وقد رجم صلى الله عليه وسلم ماعز الأسلمي وغيره * (فأعرضوا عنهما) * لما أمر بالأذى للزاني أمر بالإعراض عنه إذا تاب وهو ترك الأذى * (إنما التوبة على الله) * أي إنما يقبل الله توبة من كان على هذه الصفة وإذا تاب العبد توبة صحيحة بشروطها فيقطع بقبول الله لتوبته عند جمهور العلماء وقال أبو المعالي يغلب ذلك على الظن ولا يقطع به * (يعملون السوء بجهالة) * أي بسفاهة وقلة تحصيل أداة إلى المعصية وليس المعنى أنه يجهل أن ذلك الفعل يكون معصية قال أبو العالية أجمع الصحابة على أن كل معصية فهي بجهالة سواء كانت عمدا أو جهلا * (ثم يتوبون من قريب) * قيل قبل المرض والموت وقيل قبل السياق ومعاينة الملائكة وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر * (وليست التوبة) * الآية في الذين يصرون على الذنوب إلى حين لا تقبل التوبة وهو معاينة الموت فان كانوا كفارا فهم مخلدون في النار بإجماع وإن كانوا مسلمين فهم في مشيئة الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم فقوله اعتدنا لهم عذابا أليما ثابت في حق الكفار ومنسوخ في حق العصاة من المسلمين بقوله إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فعذابهم مقيد بالمشيئة * (لا يحل لكم أن ترثوا النساء) * قال ابن عباس كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاؤوا تزوجها أحدهم وإن شاؤوا زوجوها من غيرهم وإن شاؤوا منعوها التزوج فنزلت الآية في ذلك فمعنى الآية على هذا لا يحل لكم أن تجعلوا النساء يورثن عن الرجال كما يورث المال وقيل الخطاب للأزواج الذين يمسكون المرأة في العصمة ليرثوا مالها من غير غبطة بها وقيل الخطاب للأولياء الذين يمنعون ولياتهم من التزوج ليرثوهن دون الزوج * (ولا تعضلوهن) * معطوف على أن ترثوا أو نهي والعضل المنع قال ابن عباس هي أيضا في أولياء الزوج الذين يمنعون زوجته من التزوج بعد موته إلا أن قوله ما آتيتموهن على هذا معناه
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»