تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٢
* (قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون) * فإن التقدم لا يدل على الصحة ولا يتقلب به الباطل حقا * (فإنهم عدو لي) * يريد أنهم أعداء لعابديهم من حيث إنهم يتضررون من جهتهم فوق ما يتضرر الرجل من جهة عدوه أو أن المغري بعبادتهم أعدى أعدائهم وهو الشيطان لكنه صور الأمر في نفسه تعريضا لهم فإنه انفع في النصح من التصريح وإشعارا بأنها نصيحة بدأ بها نفسه ليكون أدعى إلى القبول وإفراد العدو لأنه في الأصل مصدر أو بمعنى النسب * (إلا رب العالمين) * استثناء منقطع أو متصل على أن الضمير لكل معبود عبدوه وكان من آبائهم من عبد الله * (الذي خلقني فهو يهدين) * لأنه يهدي كل مخلوق لما خلق له من أمور المعاش والمعاد كما قال تعالى * (والذي قدر فهدى) * هداية مدرجة من مبدأ إيجاده إلى منتهى أجله يتمكن بها من جلب المنافع ودفع المضار مبدؤها بالنسبة إلى الإنسان هداية الجنين إلى امتصاص دم الطمث من الرحم ومنهاها الهداية إلى طريق الجنة والتنعم بلذائذها والفاء للسببية إن جعل الموصول مبتدأ وللعطف إن جعل صفة رب العالمين فيكون اختلاف النظم لتقدم الخلق واستمرار الهداية وقوله * (والذي هو يطعمني ويسقين) * على الأول مبتدأ محذوف الخبر لدلالة ما قبله عليه وكذا اللذان بعده وتكرير الموصول على الوجهين للدلالة على أن كل واحدة من الصلات مستقلة باقتضاء الحكم * (وإذا مرضت فهو يشفين) * عطف على * (يطعمني ويسقين) * لأنه من روادفها من حيث إن الصحة والمرض في الأغلب يتبعان المأكول والمشروب وإنما لم ينسب المرض إليه تعالى لأن المقصود تعديد النعم ولا ينتقص بإسناد الإماتة إليه فإن الموت من حيث إنه
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»