تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٩٣
* (إذ يغشيكم النعاس) * بدل ثان من * (وإذ يعدكم) * لإظهار نعمة ثالثة أو متعلق بالنصر أو بما في عند الله معنى الفعل أو بجعل أو بإضمار اذكر وقرأ نافع بالتخفيف من أغشيته الشيء إذا غشيته إياه والفاعل على القراءتين هو الله تعالى وقرأ ابن كثير وأبو عمر يغشاكم الناس بالرفع * (أمنة منه) * أمنا من الله وهو مفعول له باعتبار المعنى فإن قوله * (يغشيكم النعاس) * متضمن معنى تنعسون ويغشاكم بمعناه وال * (أمنة) * فعل لفاعله ويجوز أن يراد بها الإيمان فيكون فعل المغشي وأن تجعل على القراءة الأخيرة فعل النعاس على المجاز لأنها لأصحابه أو لأنه كان من حقه أن لا يغشاكم لشدة الخوف فلما غشيهم فكأنه حصلت له أمنة من الله لولاها لم يغشهم كقوله (يهاب النوم أن يغشى عيونا تهابك فهو نفار شرود) وقرئ * (أمنة) * كرحمة وهي لغة * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * من الحدث والجنابة * (ويذهب عنكم رجز الشيطان) * يعني الجنابة لأنها من تخييله أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش روي أنهم نزلوا في كثيب أغفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء وناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء فوسوس إليهم الشيطان وقال كيف تنصرون وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون محدثين مجنبين وتزعمون انكم أولياء الله وفيكم رسوله فاشفقوا فأنزل الله المطر فمطروا ليلا حتى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضؤوا وتلبد الرمل الذي بينهم وبين العدو حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة * (وليربط على قلوبكم) * بالوثوق على لطف الله بهم * (ويثبت به الأقدام) * أي بالمطر حتى لا تسوخ في الرمل أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة * (إذ يوحي ربك) * بدل ثالث أو متعلق بيثبت * (إلى الملائكة أني معكم) * في إعانتهم وتثبيتهم وهو مفعول * (يوحى) * وقرئ بالكسر على إرادة القول أو اجراء الوحي مجراه * (فثبتوا الذين آمنوا) * بالبشارة أو بتكثير سوادهم أو بمحاربة أعدائهم فيكون قوله
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»