تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ١٠٤
من نجد سمعت اجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا مني رأيا ونصحا فقال أبو البحتري رأيي أن تحبسوه في بيت وتسدوا منافذه غير كوة تلقون إليه طعامه وشرابه منها حتى يموت فقال الشيخ بئس الرأي يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصه من أيديكم فقال هشام بن عمر ورأيي أن تحملون على جمل فتخرجوه من أرضكم فلا يضركم ما صنع فقال بئس الرأي يفسد قوما غيركم ويقاتلكم بهم فقال أبو جهل أنا أرى أن تأخذوا من كل بطن غلاما وتعطوه سيفا صارما فيضربوه ضربة واحدة فيتفرق دمه في القبائل فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلهم فإذا طلبوا العقل عقلناه فقال صدق هذا الفتى فتفرقوا على رأيه فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر وأمره بالهجرة فبيت عليا رضي الله تعالى عنه في مضجعه وخرج مع أبي بكر رضي الله تعالى عنه إلى الغار * (ويمكرون ويمكر الله) * برد مكرهم عليهم أو بمجازاتهم عليه أو بمعاملة الماكرين معهم بأن اخرجهم إلى بدر وقلل المسلمين في أعينهم حتى حملوا عليهم فقتلوا * (والله خير الماكرين) * إذ لا يؤبه مكرهم دون مكره وإسناد أمثال هذا ما يحسن للمزاوجة ولا يجوز اطلاقها ابتداء لما فيه من إيهام الذم * (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا) * هو قول النضر بن الحارث وإسناده إلى الجميع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم فإنه كان قاصهم أو قول الذين ائتمروا في أمره عليه الصلاة والسلام وهذا غاية مكابرتهم وفرط عنادهم إذ لو استطاعوا ذلك فما منعهم أن يشاؤوا وقد تحداهم وقرعهم بالعجز عشر سنين ثم قارعهم بالسيف فلم يعارضوا سورة مع انفتهم وفرط استنكافهم أن يغلبوا خصوصا في باب البيان * (إن هذا إلا أساطير الأولين) * ما سطره الأولون من القصص * (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) * هذا أيضا من كلام ذلك القائل أبلغ في الجحود روي أنه لما قال النضر أن هذا إلا أساطير الأولين قال له النبي صلى الله عليه وسلم ويلك إنه كلام الله فقال ذلك والمعنى إن
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»