* (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة) * يختارونها عليها فإن المختار للشيء يطلب من نفسه أن يكون أحب إليها من غيره * (ويصدون عن سبيل الله) * بتعويق الناس عن الإيمان وقرئ * (ويصدون) * من أصده وهو منقول من صد صدودا إذا تنكب وليس فصيحا لأن في صده مندوحة عن تكلف التعدية بالهمزة * (ويبغونها عوجا) * ويبغون لها زيغا ونكوبا عن الحق ليقدحوا فيه فحذف الجار وأوصل الفعل إلى الضمير والموصول بصلته يحتمل الجر صفة للكافرين والنصب على الذم والرفع عليه أو على أنه مبتدأ خبره * (أولئك في ضلال بعيد) * أي ضلوا عن الحق ووقعوا عنه بمراحل والبعد في الحقيقة للضال فوصف به فعله للمبالغة أو للأمر الذي به الضلال فوصف به لملابسته * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * إلا بلغة قومه الذي هو منهم وبعث فيهم * (ليبين لهم) * ما أمروا به فيفقهوه عنه بيسر وسرعة ثم ينقلوه ويترجموه إلى غيرهم فإنهم أولى الناس إليه بأن يدعوهم وأحق بأن ينذرهم ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار عشيرته أولا ولو نزل على من بعث إلى أمم مختلفة كتب على ألسنتهم استقل ذلك بنوع من الإعجاز لكن أدى إلى اختلاف الكلمة وإضاعة فضل الجهاد في تعلم الألفاظ ومعانيها والعلوم المتشبعة منها وما في أتعاب القرائح وكد النفوس من القرب المقتضية لجزيل الثواب وقرئ (بلسن) وهو لغة فيه كريش ورياش ولسن بضمتين وضمة وسكون على الجمع كعمد وعمد وقيل الضمير في قومه لمحمد صلى الله عليه وسلم وأن الله تعالى أنزل الكتب كلها بالعربية ثم ترجمها جبريل عليه السلام أو كل نبي بلغة المنزل عليهم وذلك ليس بصحيح يرده قوله * (ليبين لهم) * فإنه ضمير القوم والتوراة والإنجيل ونحوهما لم تنزل لتبين للعرب
(٣٣٧)