تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٢
ظالمي مكة يمرون بها في أسفارهم إلى الشام وتذكير البعيد على تأويل الحجر أو المكان * (وإلى مدين أخاهم شعيبا) * أراد أولاد مدين بن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أو أهل مدين وهو بلد بناه فسمي باسمه * (قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان) * أمرهم بالتوحيد أولا فإنه ملاك الأمر ثم نهاهم عنما اعتادوه من البخس في المنافي للعدل المخل بحكمة التعاوض * (إني أراكم بخير) * بسعة تغنيكم عن البخس أو بنعمة حقها أن تتفضلوا على الناس شركا عليها لا أن تنقصوا حقوقهم أو بسعة فلا تزيلوها مما أنتم عليه وهو في الجملة علة للنهي * (وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط) * لا يشذ منه أحد منكم ومقيل عذاب مهلك من قوله * (وأحيط بثمره) * والمراد عذاب يوم القيامة أو عذاب الاستئصال ووصف اليوم بالإحاطة وهي صفة العذاب لاشتماله عليه * (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان) * صرح بالأمر بالايفاء بعد النهي عن ضده مبالغة وتنبيها على أنه لا يكفيهم الكف عن تعمدهم التطفيف بل يلزمهم السعي في الايفاء ولو بزيادة لا يتأتى بدوها * (بالقسط) * بالعدل والسوية من غير زيادة ولا نقصان فإن الازدياد ايفاء وهو مندوب غير مأمور به وقد يكون محظورا * (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) * تعميم بعد تخصيص فإنه أعم من أن يكون في المقدار أو في غيره وكذا قوله * (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) * فإن العثو يعم تنقيص الحقوق وغيره من أنواع الفساد وقيل المراد بالبخس المكس كأخذ العشور في المعاملات والعثو السرعة وقطع الطريق والغارة وفائدة الحال إخراج ما يقصط به الاصلاح كما فعله الخضر عليه الصلاة والسلام قيل معناه ولا تعثوا في الأرض مفسدين في أمر دينكم ومصالح آخرتكم * (بقية الله) * ما أبقاه لكم من الحلال بعد التنزه عما حرم عليكم * (خير لكم) * مما تجمعون بالتطفيف * (إن كنتم مؤمنين) * بشرط أن تؤمنوا فإن خيريتها باستتباع الثواب مع النجاة وذلك مشروط بالأيمان أو إن كنتم مصدقين لي في قولي لكم وقيل البقية الطاعة
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»