تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٤
الزائغة ويستغفرونه بالتوحيد والتنزيه عن الاتحاد والحلول بعد هذا التقرير والتهديد * (والله غفور رحيم) * يغفر لهم ويمنحهم من فضله إن تابوا وفي هذا الاستفهام تعجيب من إصرارهم * (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) * أي ما هو إلا رسول كالرسل قبله خصه الله سبحانه وتعالى بالآيات كما خصهم بها فإن إحياء الموتى على يده فقد أحيا العصا وجعلها حية تسعى على يد موسى عليه السلام وهو أعجب وإن خلقه من غير أب فقد خلق آدم من غير أب وأم أغرب * (وأمه صديقة) * كسائر النساء اللاتي يلازمن الصدق أو يصدقن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام * (كانا يأكلان الطعام) * ويفتقران إليه افتقار الحيوانات بين أولا أقصى ما لهما من الكمال ودل على أنه لا يوجب لهما ألوهية لأن كثيرا من الناس يشاركهما في مثله ثم نبه على نقصهما وذكر ما ينافي الربوبية ويقتضي أن يكونا من عداد المركبات الكائنة الفاسدة ثم عجب لمن يدعي الربوبية لهما مع أمثال هذه الأدلة الظاهرة فقال * (انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون) * كيف يصرفون عن استماع الحق وتأمله وثم لتفاوت ما بين العجبين أي إن بياننا للآيات عجب وإعراضهم عنها أعجب * (قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا) * يعني عيسى عليه الصلاة والسلام وهو وإن ملك ذلك بتمليك الله سبحانه وتعالى إياه لا يملكه من ذاته ولا يملك مثل ما يضر الله تعالى به من البلايا والمصائب وما ينفع به من الصحة والسعة وإنما قال ما نظرا إلى ما هو عليه في ذاته توطئه لنفي القدرة عنه رأسا وتنبيها على أنه من هذا الجنس ومن كان له حقيقة تقبل المجانسة والمشاركة فبمعزل عن الألوهية وإنما قدم الضر لأن
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»