تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٩
* (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) * عطف التكذيب بآيات الله على الكفر وهو ضرب منه لأن القصد إلى بيان حال المكذبين وذكرهم في معرض المصدقين بها جمعا بين الترغيب والترهيب * (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) * أي ما طاب ولذ منه كأنه لما تضمن ما قبله مدح النصارى على ترهبهم والحث على كسر النفس ورفض الشهوات عقبه النهي عن الإفراط في ذلك والاعتداء عما حد الله سبحانه وتعالى بجعل الحلال حراما فقال * (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) * ويجوز أن يراد به ولا تعتدوا حدود ما أحل الله لكم إلى ما حرم عليكم فتكون الآية ناهية عن تحريم ما أحل وتحليل ما حرم داعية إلى القصد بينهما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف القيامة لأصحابه يوما وبالغ في إنذارهم فرقوا واجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون واتفقوا على أن لا يزالوا صائمين قائمين وأن لا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك ولا يقربوا النساء والطيب ويرفضوا الدنيا ويلبسوا المسوح ويسيحوا في الأرض ويجبوا مذاكيرهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم إني لم أمر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني فنزلت * (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا) * أي كلوا ما حل لكم وطاب مما رزقكم الله فيكون حلالا مفعول كلوا ومما حال منه تقدمت عليه لأنه نكرة ويجوز أن تكون من ابتدائية متعلقة بكلوا ويجوز أن تكون مفعولا وحلالا حال من الموصول أو العائد
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»