تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٥
المحرمات توقيا من العقاب والشبهات تحرزا عن الوقوع في الحرام وبعض المباحات تحفظا للنفس عن الخسة وتهذيبا لها عن دنس الطبيعة * (والله يحب المحسنين) * فلا يؤاخذهم بشيء وفيه أن من فعل ذلك صار محسنا ومن صار محسنا صار لله محبوبا * (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم) * نزلت في عام الحديبية ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بالصيد وكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم بحيث يتمكنون من صيدها أخذا بأيديهم وطعنا برماحهم وهم محرمون والتقليل والتحقير في بشيء للتنبيه على أنه ليس من العظائم التي تدحض الأقدام كالابتلاء ببذل الأنفس والأموال فمن لم يثبت عنده كيف يثبت عندما هو أشد منه * (ليعلم الله من يخافه بالغيب) * ليتميز الخائف من عقابه وهو غائب منتظر لقوة إيمانه ممن لا يخافه لضعف قلبه وقلة إيمانه فذكر العلم وأراد وقوع المعلوم وظهوره أو تعلق العلم * (فمن اعتدى بعد ذلك) * بعد ذلك الابتلاء بالصيد * (فله عذاب أليم) * فالوعيد لاحق به فإن من لا يملك جأشه في مثل ذلك ولا يراعي حكم الله فيه فكيف به فيما تكون النفس أميل إليه وأحرص عليه * (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) * أي محرمون جمع حرام كرداح وردح ولعله ذكر القتل دون الذبح والذكاة للتعميم وأراد بالصيد ما يؤكل لحمه لأنه الغالب فيه عرفا ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم خمس يقتلن في الحل والحرم الحدأة
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»