تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ١ - الصفحة ٢٩٣
عطفه بما يقدر عاملا فيه على الجملة المتقدمة بل القصة بأسرها على القصة الأخرى وهي نعمة رابعة عدها عليهم والسجود في الأصل تذلل مع تطامن قال الشاعر (ترى الأكم فيها سجدا للحوافر) وقال آخر (وقلن له اسجد لليلى فاسجدا) يعني البعير إذا طأطأ رأسه وفي الشرع وضع الجبهة على قصد العبادة والمأمور به إما المعنى الشرعي فالمسجود له بالحقيقة هو الله تعالى وجعل آدم قبلة لسجودهم تفخيما لشأنه أو سببا لوجوبه فكأنه تعالى لما خلقه بحيث يكون نموذجا للمبدعات كلها بل الموجودات بأسرها ونسخة لما في العالم الروحاني والجسماني وذريعة للملائكة إلى استيفاء ما قدر لهم من الكمالات ووصلة إلى ظهور ما تباينوا فيه من المراتب والدرجات أمرهم بالسجود تذللا لما رأوا فيه من عظيم قدرته وباهر آياته وشكرا لما أنعم عليهم بواسطته فاللام فيه كاللام في قول حسان رضي الله تعالى عنه (أليس أول من صلى لقبلتكم وأعرف الناس بالقرآن والسنن) أو في قوله تعالى * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * وأما المعنى اللغوي وهو التواضع لآدم تحية وتعظيما له كسجود إخوة يوسف له
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»