فسجدوا راجع إلى القبيلين كأنه قال فسجد المأمورون بالسجود إلا إبليس وأن من الملائكة من ليس بمعصوم وإن كان الغالب فيهم عدم العصمة ولعل ضربا من الملائكة لا يخالف الشياطين بالذات وإنما يخالفهم بالعوارض والصفات كالبررة والفسقة من الإنس والجن يشملهما وكان إبليس من هذا الصنف كما قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فلذلك صح عليه التغير عن حاله والهبوط من محله كما أشار إليه بقوله عز وعلا * (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) * لا يقال كيف يصح ذلك والملائكة خلقت من نور والجن من نار لما روت عائشة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام قال خلقت الملائكة من النور وخلق الجن من مارج من نار / ح / لأنه كالتمثيل لما ذكرنا فإن المراد بالنور الجوهر المضيء والنار كذلك غير أن ضوءها مكدر مغمور بالدخان محذور عنه بسبب ما يصحبه من فرط الحرارة والإحراق فإذا صارت مهذبة مصفاة كانت محض نور ومتى نكصت عادت الحالة الأولى جذعة ولا تزال تتزايد حتى ينطفئ نورها ويبقى الدخان الصرف وهذا أشبه بالصواب وأوفق للجمع بين النصوص والعلم عند الله سبحانه وتعالى.
(٢٩٥)