تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ١ - الصفحة ٢٩٤
أو التذلل والانقياد بالسعي في تحصيل ما ينوط به معاشهم ويتم به كمالهم والكلام في أن المأمورين بالسجود الملائكة كلهم أو طائفة منهم ما سبق. * (فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر) * امتنع عما أمر به استكبارا من أن يتخذه وصلة في عبادة ربه أو يعظمه ويتلقاه بالتحية أو يخدمه ويسعى فيما فيه خيره وصلاحه والإباء امتناع باختيار والتكبر أن يرى الرجل نفسه أكبر من غيره والاستكبار طلب ذلك بالتشبع. * (وكان من الكافرين) * أي في علم الله تعالى أو صار منهم باستقباحه أمر الله تعالى إياه بالسجود لآدم اعتقادا بأنه أفضل منه والأفضل لا يحسن أن يؤمر بالتخضع للمفضول والتوسل به كما أشعر به قوله * (أنا خير منه) * جوابا لقوله * (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين) * لا بترك الواجب وحده والأية تدل على أن آدم عليه السلام أفضل من الملائكة المأمورين بالسجود له ولو من وجه وأن إبليس كان من الملائكة وإلا لم يتناوله أمرهم ولا يصح استثناؤه منهم ولا يرد على ذلك قوله سبحانه وتعالى * (إلا إبليس كان من الجن) * لجواز أن يقال إنه كان من الجن فعلا ومن الملائكة نوعا ولأن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما روي أن من الملائكة ضربا يتوالدون يقال لهم الجن ومنهم إبليس ولمن زعم أنه لم يكن من الملائكة أن يقول إنه كان جنيا نشأ بين أظهر الملائكة وكان مغمورا بالألوف منهم فغلبوا عليه أو الجن أيضا كانوا مأمورين مع الملائكة لكنه استغنى بذكر الملائكة عن ذكرهم فإنه إذا علم أن الأكابر مأمورون بالتذلل لأحد والتوسل به علم أن الأصاغر أيضا مأمورون به والضمير في
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»